[المسألة 23:] إذا عين الواقف في وقفه أن تصرف منافع العين الموقوفة في شؤون الموقوف عليهم ومعيشتهم من غير تمليك كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فقد يشترط في وقفه أن تصرف المنفعة بعينها على الوقوف عليهم لا بأثمانها وأعواضها، ومثال ذلك أن يقف على أولاده نخيلا أو شجرا ليأكلوا تمر النخيل وثمر الشجر، ويتعين على متولي الوقف في هذا الفرض أن يصرف الثمرة بعينها على الموقوف عليهم، فيعطي كل فرد منهم حصته من تمر النخيل أو من ثمر الشجر نفسه، ولا يصح له أن يبيع الثمرة ويقسم بينهم اعواضها وقد يجيز الواقف في وقفه للولي أن يبدل المنفعة الموقوفة بشئ آخر ويقسمه عليهم لينتفعوا به، فيصح للولي ذلك، وإذا أبدلها الولي، أو قسم المنفعة نفسها بينهم وأعطى كل واحد منهم حصته ليصرفها على نفسه لم يجز له المعاوضة على حصته المدفوعة إليه كما تقدم، وقد عرفت أن المنفعة إذا جعلت كذلك فهي مضمونة إذا غصبت أو أتلفت.
[المسألة 24:] قد ينظر الواقف في وقفه أن يستوفي الموقوف عليهم منفعة العين الموقوفة بأنفسهم فيقف كتب العلم مثلا ليقرأ فيها طلاب العلم وينتفعوا بقراءتها بأنفسهم، ويقف المدرسة ليسكنها الطلاب وأهل العلم وينتفعوا بالسكنى فيها بأنفسهم، وكذلك في وقفه خانات المسافرين، والرباطات للفقراء والقناطر والشوارع للعابرين ومن الواضح أن منافع هذه الموقوفات لا يملكها الموقوف عليهم فلا يحل لهم المعاوضة عليها ولا يرثها الوارث من بعدهم كما لا تحل المعاوضة عليها من ولي الوقف، ويشكل الحكم بضمانها إذا غصبت أو أتلفت، وهذا هو القسم الرابع من أقسام الوقف.
[المسألة 25:] يشترط في صحة الوقف الدوام، والمراد بالدوام أن لا يوقت الواقف وقفه بمدة، فإذا قال: وقفت هذه الدار على الفقراء أو على أولادي مدة عشر سنين أو مدة عشرين سنة، وقصد بذلك انشاء الوقف كان باطلا.