وأما حريم النهر والدار ففي مثل الممر والمدخل ومجاري المياه ومطرح الثلج من حريم الدار مما يعد محيا عند العرف لا حريما فالظاهر أنه ملك لصاحبهما فيجوز له بيعه منفردا. أما مثل مطرح التراب والكناسة فالظاهر عدم الفرق فيه بين الدار والقرية.
(مسألة 940) حريم الأملاك المتقدم إنما هو في المبتكر في أرض موات، وأما الأملاك المتجاورة فلا حريم لها، فلو أحدث أحد المجاورين في آخر حدود ملكه بستانا أو نهرا لم يكن لهما حريم في ملك الآخر، وكذا لو استنبط أحدهما ماء في ملكه كان للآخر استنباط ماء في ملكه وإن لم يكن بينهما الحد المتقدم.
(مسألة 941) ذكر جماعة أنه يجوز لكل من المالكين المتجاورين التصرف في ملكه بما شاء وحيث شاء وإن استلزم ضررا على الجار، لكنه مشكل على إطلاقه، بل الحق عدم جواز ما يكون سببا لعروض فساد في ملك الجار، كما إذا دق دقا عنيفا فأوجب خللا في حائط دار جاره، أو حبس الماء في ملكه بحيث تسري نداوته في حائط جاره، أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها، بل وكذا لو حفر بئرا بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها وكان ذلك من جهة جذب الثانية ماء الأولى، وأما إذا كان من جهة أن الثانية أعمق وأن الماء يصل إليها من عروق الأرض قبل أن يصل إلى الأولى، فالظاهر أنه لا مانع منه، والمرجع في ذلك أهل الخبرة.
وكذا لا مانع من تعلية البناء وإن كان مانعا من الشمس والقمر والهواء، أو جعل داره مدبغة أو مخبزا مثلا إذا لم يكن بقصد الايذاء، وكذا فتح نافذة في جداره مشرفة على دار جاره أو لسحب الهواء، فإن المحرم هو التطلع على دار الجار لا مجرد فتح نافذة.