وصارت بسبب مرور الزمان بلا مالك، كالأراضي الدارسة والقرى والبلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية، الذين لم يبق منهم اسم ولا رسم أو نسبت إلى أقوام أو أشخاص لم يعرف منهم إلا الاسم. وهذا بحكم الموات بالأصل فهي من الأنفال يجوز إحياؤها ويملكها المحيي، ولا يحتاج إلى الإذن من حاكم الشرع أو الشراء منه.
الثاني: ما كان مالكها موجودا لكن لم يعرف، ولم يعلم إعراضه عنها، وتسمى مجهولة المالك، ولا إشكال في جواز إحيائها وتعميرها والتصرف فيها بأنواع التصرفات، وفي جواز تملك عينها ومنفعتها إشكال فالأحوط أن يتفحص عن صاحبها وبعد اليأس عنه تعامل معاملة مجهول المالك، فيشتري عينها من حاكم الشرع ويصرف ثمنها على الفقراء، أو يستأجرها منه بأجرة معينة، أو يقدر ما هو أجرة مثلها لو انتفع بها ويتصدق بها على الفقراء.
وأحوط منه أن يستأذن الحاكم في أصل الاحياء أيضا، فيأذن له على ما يؤدي إليه نظره من التملك بالاحياء بعوض أو بلا عوض والانتفاع كذلك، ويتصدق الحاكم بالعوض على الفقراء، كما أن الأحوط لصاحب الأرض التصالح والتراضي مع المحيي إذا أحياها بقصد التملك.
نعم لو علم أن مالكها قد أعرض عنها أو انجلى عنها أهلها وتركوها لقوم آخرين جاز إحياؤها وتملكها بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم.
(مسألة 928) إذا كان ما طرأ عليه الخراب من أرض أو بناء مملوكا لمالك معلوم وأعرض عنه جاز لكل أحد إحياؤه وتملكه. وإن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتا للانتفاع به أرضا مرعى لدوابه أو لبيع حشيشها أو قصبها وخشبها ونحو ذلك، فلا يجوز لأحد إحياؤها والتصرف فيها بدون إذن مالكها. وكذا إذا كان هاما بإحيائها عازما عليه وإنما أخره لتهيئة الأسباب المتوقعة الحصول أو لانتظار وقت مناسب لذلك.
وأما لو ترك تعميرها واصلاحها وأبقاها معطلة حتى خربت لعدم الاعتناء