لأحد من المخالفين أن يقول: كيف تؤثر النية المتأخرة فيما مضى من النهار حاليا منها؟ لأن ما مضى يلحق في الحكم بما يأتي كما يقوله الأكثر منهم في من ينوي التطوع قبل الزوال، وليس لهم أن يقولوا قبل الزوال مضى أقل العبادة وليس كذلك بعد الزوال لأن النية إذا أثرت فيما مضى خاليا منها حكما فلا فرق بين الأكثر والأقل. وقد أجاز أبو حنيفة والشافعي وغيرهما أن يصير لصلاة المفرد حكم الجماعة بالنية المستأنفة ولم يفرقوا بين مضى الأكثر منها والأقل فما أنكروا من مثل ذلك هاهنا، ولا يلزم جواز النية في آخر جزء من اليوم لأنها يجب أن تكون بحيث يصح وقوع الصوم بعدها وهذا لا يتأتى في آخر جزء.
ونية القربة تجزئ في صوم رمضان ولا يفتقر إلى نية التعيين بدليل الاجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأمر بالإمساك فيه، ومن أمسك مع نية القربة ممتثل للمأمور به فيجب أن تجزئه وأيضا فنية التعيين يفتقر إليها في زمان الصوم الذي يصح أن يقع الصوم فيه على وجهين كالصوم الواجب في الذمة مثل صوم القضاء والنذر وغير متعين بيوم مخصوص وغير ذلك من أنواع الصوم الواجب، وكصوم النفل.
فأما شهر رمضان فلا يصح أن يقع الصوم فيه إلا عن الشهر حتى أنه لو نوى صوم آخر من قضاء أو نفل لم يقع إلا عن رمضان وإذا كان كذلك لم يحتج إلى نية التعيين فيه، ونية واحدة في أول شهر رمضان تكفي لجميعه وتجديدها لكل يوم أفضل بدليل الاجماع المشار إليه ولأن حرمة الشهر حرمة واحدة فأثرت في جميعه النية الواقعة في ابتدائه كما أثرت في جميع اليوم إذا وقعت في ابتدائه.
وما يفسد الصوم فيه على ضربين: أحدهما يوجب مع القضاء الكفارة والثاني لا يوجبها، فالأول ما يصل إلى جوف الصائم مع ذكره للصوم عن عمد منه واختيار سواء كان بأكل أو شرب أو شم أو ازدراد لما لا يؤكل في العادة، أو حقنة في مرض ولا يلجأ إليها وأن يحصل جنبا في نهار الصوم مع الشرط الذي ذكرناه سواء كان ذلك بجماع أو غيره وسواء كان مبتدئا بذلك فيه أو مستمرا عليه من الليل، ويجري مجرى ذلك إدراك الفجر له جنبا بعد الانتباه مرتين وترك الغسل من غير ضرورة وتعمده الكذب على الله تعالى أو على رسوله أو أحد الأئمة ع وتعمده الارتماس في الماء إن كان رجلا وإن كان امرأة