وأمر على الاستحباب بأكل السحور فإنه عون على الصوم وخلاف على اليهود واقتداء بالرسول، فإنه ع قال: " يستحب السحور ولو بشربة من ماء وأفضله التمر ".
وروي أن عدي بن حاتم قال للنبي ع: إني وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود فكنت أنظر فيهما فلا يتبينان، فضحك رسول الله ع حتى رئي نواجذه وقال: يا بن حاتم إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل، فابتدئ الصوم من هذا الوقت، وقد بين سبحانه الانتهاء أيضا بقوله " ثم أتموا الصيام إلى الليل " أي من وقت طلوع الفجر الثاني، وهو الفجر الصادق المستطير المعترض الذي يأخذ الأفق ويجب عنده الصلاة إلى وقت دخول الليل على ما حددناه.
فصل:
وقوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم، قيل: معناه لتبلون بالعبادات في أنفسكم كالصلاة والصيام وغيرهما، وفي أموالكم من الزكوات والأخماس والإنفاق في سبيل الله ليتميز المطيع من العاصي، ويقال لشهر رمضان " شهر الصبر " لصبر صائمة عن الطعام والشراب نهارا وصبره إياهم عن المأكول والمشروب، أي كفه إياهم وحبسه لهم عن ذلك، قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة، أي بالصوم والصلاة وهو خطاب لجميع من هو بشرائط التكليف، لفقد الدلالة على التخصيص واقتضاء العموم لذلك، والصبر هو منع النفس عن محابها وكفها عن هواها وكان النبي ع إذا أحزنه أمر استعان بالصبر والصلاة.
واعلم أن من تحري الفجر فلم يره فتسحر ثم علم بعد ذلك أنه كان طالعا لم يكن عليه قضاء بدلالة قوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج، إذا كان الصوم فرضا كشهر رمضان، فأما إن كان قضاءا لشهر رمضان أو نافلة فلا يصح صوم ذلك اليوم، وقوله:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وإن لم يكن تحري الفجر وأقدم على التسحر قبل تحريه وقد طلع الفجر حينئذ وجب عليه القضاء لما كان منه من تفريطه في فرض الصيام.