ويستحب صوم يوم الشك بنية أنه من شعبان بدليل الاجماع المتردد وطريقة الاحتياط لأنه إن كان من رمضان أجزأ عندنا عن الفرض وإن كان من شعبان أحرز الأجر به وأيضا قوله تعالى: وأن تصوموا خير لكم، ولا يخرج من ذلك إلا ما أخرجه دليل قاطع وأيضا قوله ع: الصوم جنة من النار، ولم يفرق وأيضا قول أمير المؤمنين ع: لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان، وأيضا فإنه يوم في الحكم من شعبان بدليل قوله ع: فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين، فجاز صومه بهذه النية وما رواه المخالف من النهي عن صوم يوم الشك أخبار آحاد ثم إنا نحمل ذلك على النهي عن صومه بنية أنه من رمضان أو من غير نية أصلا، كما حمله مالك والشافعي على النهي عن صومه منفردا مما قبله أو لمن لم يوافق عادة له أو نذرا، وحمله أبو حنيفة على ما إذا لم ينو به التطوع وحمله أحمد على ما إذا كان صحوا.
ونية الصوم يجب أن تتعلق بكراهة المفطرات التي نذكرها من حيث كانت إرادة والإرادة لا تتعلق إلا بحدوث الفعل ولا تتعلق بأن لا يفعل الشئ على ما دل عليه في غير موضع وكان المرجع بالإمساك عن المفطرات إلى أن لا يفعل فلا بد من فعل تتعلق النية به وليس إلا الكراهة على ما قلناه.
ووقت النية من أول الليل إلى طلوع الفجر بدليل الاجماع الماضي ذكره وإنما سقط وجوب المقارنة هاهنا رفعا للحرج، ويجوز لمن فاتته ليلا تجديدها إلى قبل الزوال بدليل الاجماع المتردد وقوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ولم يذكر مقارنة النية ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه بعث إلى أهل السواد في يوم عاشوراء فقال: من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك بقية يومه، وكان صوم عاشوراء واجبا وما يرويه المخالف من قوله ع: لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل، خبر واحد ويعارضه ما قدمناه ويجوز حمله على نفي الفضيلة والكمال، لقوله ع:
ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ولا صدقة وذو رحم محتاج.
فأما الصوم النفل فيجوز النية له إلى ما بعد الزوال بدليل ما قدمناه من الاجماع المتكرر وأيضا قوله تعالى: وأن تصوموا خير لكم، لأنه يتناول ما قبل الزوال وبعده، وليس