وتكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم المترتب عليه القتل إذا كان عن فطرة، أو أن المراد استحلاله قاطعا بالحل فلا شئ عليه حتى الحد لكونه جاهلا فكيف يقول بلزوم الحد عليه مطلقا؟ بل قال في الرياض بعد تصريح المحقق في النافع بأنه لا يقتل مستحل شرب غير الخمر بل يحد بشربه مستحلا له أو محرما: قولا واحدا انتهى. وكذا قال في الجواهر: قولا واحدا كما في الرياض وإن لم يكفر المستحل.
وكيف كان فقد خالف الحلبي فحكم بكفر شارب الفقاع مستحلا وأوجب قتله. وضعفه في الجواهر قائلا: وهو واضح الضعف بعد أن لم تكن حرمته ضرورية فهو حينئذ كغيره من المسكر غير الخمر في عدم الكفر.
كما أن الشهيد الثاني في المسالك - بعد أن حكم بأنه لا يقتل مستحل غير الخمر من المسكرات كالفقاع وإن وجب حده وذلك لوقوع الخلاف فيها بين المسلمين وتحليل بعضهم إياها فيكون ذلك كافيا في انتفاء الكفر في استحلالها - قال: ولا فرق بين كون الشارب لها ممن يعتقد إباحتها كالحنفي وغيره فيحد عليها ولا يكفر لأن الكفر مختص بما وقع عليه الاجماع وثبت حكمه ضرورة من دين الاسلام وهو منتف في غير الخمر. انتهى.
كما أن صاحب الرياض بعد كلامه السابق وتصريحه بحد المستحل لغير الخمر وعدم قتله وادعاء الاجماع عليه قال: لوقوع الخلاف فيها بين المسلمين.
وفي القواعد وكشف اللثام مزجا: ويحد الحنفي إذا شرب النبيذ وإن قل وإن استحله فإن الحد لله، والنصوص أطلقت بحد الشارب.
وفيه أن إطلاقها بالنسبة لحال الجهل مشكل، وكيف تشمل الجاهل، وكيف يجوز إجراء الحد على الجاهل وهو معذور لجهله.
وفي الجواهر بعد كلام هذين العلمين: قلت: لا فرق في الكفر بين إنكار الضروري وغيره من المقطوع به مع فرض أن المنكر قاطع به ضرورة اقتضائه تكذيب النبي صلى الله عليه وآله.