كان يجري هذا الاحتمال فيما إذا كانت الشهادة منهما على شربه؟ فكيف تحمل الشهادة بالشرب، على شربه له اختيارا ويجري في الشهادة بالقئ. احتمال الاكراه.
هذا مضافا إلى ما ذكره المحقق من لزوم الدفاع عن نفسه لو كان مكرها، وإلى أن الأصل عدم الاكراه.
وقد يشكل بأن ذلك ليس بأزيد من الظهور وهو غير كاف في إثبات الحدود لأنه لا يدفع الشبهة الدارئة للحد.
وفيه أولا أن ذلك اجتهاد في مقابل النص.
وثانيا إن الاختيار في الأفعال الإرادية أصل عقلائي معمول به في جميع المقاصد ولا يعبأ باحتمال الاكراه.
لا يقال: إنه فرق بين الشهادة على الشرب المحمول على الاختيار والشهادة بالقئ الذي يحتمل فيه الاكراه، وذلك لأن قذف الباطن الخمر أمارة على عدم ملائمة الباطن له كما ترى أن الانسان إذا أكل طعاما لا يلائم طبعه أو شرب شرابا ومايعا لا يناسب مزاجه فإن مزاجه لا يقبله بل يقذفه ولا يجذب إلى بدنه فلذا يقئ فيكون القئ أمارة نوعية على أنه لم يشربه بميله واختياره واشتهاءه له وإنما شربه بإكراه الغير له على هذا الذي لا يلائم طبعه، ولو كان قد شربه باختياره واشتهاءه لما قاءه واستفرغه كما في كل مورد يأكل الانسان أو يشرب ما يحبه ويلائم طبعه، وعلى هذا فيقتصر في الحكم على مورد النص لشهرته ويحكم بالحد فيه، ويقال في الفرض الأخير بعدم الحد للشبهة (1) لأنا نقول: لا أمارية لذلك فربما يستفرغ ويقئ لكثرة شربه منه أو لغير ذلك فكيف يحمل على أنه شربه من غير اختيار وعلى كره منه.
ومن نظر بعين الانصاف يرى أن كون التعليل من باب التعبد المحض حتى يقتصر في الحكم على الفرض الأول بعيد جدا بل هو علة في الحكم يدور معه