وقد أورد صاحب الجواهر على الشيخ قدس سرهما (في حمله خبر ابن مسلم على ما بعد المرافعة) بعدم الشاهد له وأن المتجه على تقدير العمل به هو تخصيصه أو تقييده إطلاق ما دل على العفو.
أقول: إن ما ذكره جيد فإن ما دل على جواز العفو ونفوذه عام أو مطلق فيخصص أو يقيد بخصوص مورد عفو الزوجة لزوجها الذي قذفها، ولذا أفتى الصدوق في المقنع على طبقه مطلقا فقال: وإذا قذف الرجل امرأته فليس لها أن تعفو عنه. هذا مضافا إلى عدم صراحة الرواية في عدم جوازه ونفوذه وإن كان مقتضى قوله عليه السلام: (لا) هو ذلك إلا أن تعقيب ذلك بقوله: (ولا كرامة) يضعف هذا الظهور وينقصه ولعله يكون قرينة على إرادة الكراهة والتنزيه دون الالزام والتحريم خصوصا بلحاظ كونها مضمرة ومعرضا عنها عند المشهور، وعلى هذا فيجوز العفو مطلقا.
نعم هنا خبران أمكن عنده تأييد ما ذكره الشيخ بهما:
أحدهما: خبر سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أخذ سارقا فعفى عنه فذلك له فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق له: أنا أهبه له لم يدعه إلى الإمام حتى يقطعه إذا رفعه إليه وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى إمام وذلك قول الله عز وجل: (والحافظين لحدود الله)، فإذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه (1).
ثانيهما: خبر حمزة بن حمران عن أحدهما عليهما السلام قال: سئلته عن رجل أعتق نصف جاريته ثم قذفها بالزنا قال: قال: أرى عليه خمسين جلدة ويستغفر الله عز وجل. قلت: أرأيت إن جعلته في حل وعفت عنه؟ قال:
لا ضرب عليه إذا عفت عنه من قبل أن ترفعه (2) ومع ذلك فقد أورد قدس سره عليهما بقوله: إلا أنه مع كون الثاني منهما بالمفهوم غير جامعين لشرائط الحجية.