وقد استدل المشهور بالأولوية. بيانه أن تداخل الحد في باب القذف الثابت بالروايات يقتضي تداخل التعزير في باب السب بطريق أولى وذلك لكون التعزير أضعف من الحد.
وقد تمسك ابن إدريس بما هو مقتضى القاعدة بعد اختصاص النص بباب القذف، وإسراء الحكم المنصوص الجاري في القذف بالنسبة إلى السب قياس عنده، ومعلوم أن مقتضى القاعدة هو تعدد المسببات بتعدد الأسباب، والتداخل خلاف الأصل ويحتاج إلى دليل.
قال المحقق: ولا معنى للاختلاف هنا.
والوجه في ذلك كما في الجواهر هو أن التعزير منوط بنظر الحاكم وليس له بالنسبة إلى كل واحد حد محدود، فهو يؤدب بما يراه، فإذا كان أمره بيد الحاكم قليلا أو كثيرا بل وعفوا وإيفائا فلا معنى للقول بأن حكمه حكم الحد.
أقول: إن فصل النزاع هو البحث في أن هذا التعزير هل هو حق الله أو حق الناس؟ فلو كان من حقوق الله لتم ما ذكره من أن أمره بيد الحاكم ولا معنى للاختلاف في الوحدة والتعدد. أما لو كان من قبيل حقوق الناس بأن كان حقا للمسبوب كما أن حد القذف حق للمقذوف فلكل واحد من المسبوبين حق على الساب ولا بد من القول بالتعدد إلا مع العفو عن ناحية صاحب الحق.
ويظهر من عبارة المحقق حيث حقق أنه لا معنى للاختلاف هنا أنه يرى التعزير حق الله، فللحاكم الذي له ولاية التعزير اختيار الأقل أو الأكثر والزائد والناقص بما يراه مصلحة، فربما يعزر لحق واحد أكثر مما يعزر لحق متعدد وربما يعزر لحق أشخاص متعددين بأقل مما يعزر لحق شخص واحد فحينئذ لا معنى ولا وجه للاختلاف في أن اجتماع المسبوبين في المطالبة يوجب تداخل التعزير ووحدته أولا. وأما لو كان من حق الناس فلا يجري هذا الكلام.
وقد أورد عليه في المسالك بأن ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا زاد عدد المسبوبين عن عدد أسواط الحد فإنه مع الحكم بتعدد التعزير يجب ضربه أزيد من الحد