إلا للتحفظ على الصلاة المطلوبة ذاتا مع الطهارة المائية، ولا ينقدح في ذهنه اشتراط الطهور بالوقت، بل لو صرح بالاشتراط لا ينقدح في ذهنه إلا مراعاة حال الصلاة مع المائية، (فح) لو أخذنا بتلك الروايات الواردة في المضايقة، وأغمضنا عما تقدم لا محيص عن القول بلزوم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت رجاء لتحصيل الطهارة المائية.
هذا مضافا إلى أن الظاهر من قوله في صحيحة زرارة " فليتيمم وليصل في آخر الوقت " (1) وقوله في موثقة ابن بكير " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فلم يجد ماء يتيمم ويصلي؟ قال: لا حتى آخر الوقت " (2) إن الصلاة يجب أن تكون في آخر الوقت أيضا. تأمل، مع أن قوله في تلك الروايات " إن فاته الماء لم تفته الأرض) ظاهر في فوت المصلحة الصلاتية لا المصلحة النفسية للطهارة كما لا يخفى على المتأمل.
وأما ثانيا فلأنه لو كان تحصيل الطهور بوجه آخر وغاية أخرى رافعا للمانع، ولم يكن للأمر بتأخير الصلاة والتيمم إلى آخر الوقت موجب إلا فقد الطهور الممكن الحصول بغاية أخرى، لما أمروا بتأخيرها مع الاهتمام العظيم بالتحفظ للصلاة في أوائل أوقاتها بما كاد أن يلحقه بالواجبات، فكان على الأئمة عليهم السلام لتنبيه على ذلك حفظا لأهمية أول الوقت لا الأمر بالتأخير بقول مطلق.
فيظهر من ذاك وذا أن المهم في نظر الشارع مراعاة ايجاد الصلاة مع المائية وليس الأمر بالتأخير لعدم حصول الطهور، فالأقوى بناء على القول بوجوب التأخير وجوبه مطلقا ولو كان الطهور محققا في أول الوقت.
نعم لا شبهة في عدم وجوب تجديد التيمم في آخر الوقت إذا وجد صحيحا في أوله أو قبله في ضيق الوقت مثلا كما صرحت به الروايات خلافا لبعض العامة.
ثم إنه قد يقال إن المراد بآخر الوقت الذي يجب أو ينبغي مراعاته هو آخره عرفا بحيث يقال إنه أتى بها في آخره، فيصدق ذلك إذا أتى بها مع الآداب المتعارفة،