غير وجيه لعدم وجوب المقدمة وعدم كون مخالفتها على فرض وجوبها موجبة لاستحقاق العقاب عليها فلا مجرى للبراءة فيها، وأما ذو المقدمة فواجب مطلق منجز فرضا يجب عقلا الخروج عن عهدته، ومجرد احتمال تجدد القدرة لا يوجب التعذير العقلي لو فرض عدم التجدد، والشاهد حكم العقل في نظائره، فمن كان مكلفا بضيافة ضيف لمولاه، وكانت موجبا ضيافته وأسبابها حاصلة لديه، واحتمل عدم امكان حصولها بعد ذلك احتمالا عقلائيا، هل ترى من نفسك معذوريته في تفويت المقدمات؟ وهل له الاعتذار باحتمال تجدد القدرة بل وظنه به؟.
فما اختاره بعض أهل التحقيق من جواز الإراقة حتى في الوقت باحتمال الوجدان بعد ذلك تمسكا بالبراءة غير سديد، ومما ذكر تعلم حرمة ابطال الطهارة ونقض الوضوء مع العلم بعدم تمكنه أو الاحتمال العقلائي المعتد به، سوء في ذلك قبل حضور الوقت وبعده.
ثم اعلم أن المراد بحرمة نقض الوضوء أو وجوب حفظ الطهارة ليس إلا عدم المعذورية بالنسبة إلى ما يفوت منه لأجل الطهارة المائية من التكليف النفسي، وإلا فترك التكليف الغيري على فرضه لا يوجب العقوبة، بل لا يكون حفظ المقدمة واجبا شرعا، ولا تفويتها حراما كذلك كما مر. إذا عرفت ما ذكر فالمباحث كما تقدم أربعة:
المبحث الأول فيمن يشرع له التيمم، وإن شئت قلت فيما يصح معه التيمم، وهو أشخاص أو أمور يحويهم المعذور عقلا أو شرعا عن الطهارة المائية أو يحويها العذر كذلك عنها، والمراد من العذر هو ما بحسب الواقع لا الظاهر، كالقاطع بعدم الماء مع وجوده فإنه معذور عن الوضوء عقلا لكن لا يشرع له التيمم واقعا.
ولعل ما ذكرنا أولى مما في القواعد حيث عد الشئ الواحد الجامع للمسوغات