أي منشأ كان، فيكون التكليف بالوضوء حرجيا علي المكلف المعتقد ولو خطئا معرضية المحل للخطر، لكنه أيضا مشكل لأن الظاهر الأولى من دليل نفي الحرج عدم جعل الحرج في الدين أي الأحكام المجعولة فيه، وغاية ما يمكن الاستفادة منه بالتقريب المتقدم في ذيل آية التيمم أن ما يلزم منه الحرج والمشقة سواء كان في مقدماته كتحصيل الماء للوضوء، أو ما يترتب عليه كأن لزم من التكليف به عطاش في المستقبل فهو أيضا غير مجعول، وأما الحرج الحاصل من تخيل باطل أو تخيل الحرج كما لو تخيل المرض مع عدمه أو البرد في مكان حار فليس مشمولا للأدلة، لعدم الحرج في الدين ولا من قبله واقعا، ولا يمكن إلغاء الخصوصية بالنسبة إلى ما يلزم من اعتقاد باطل.
ومن هنا يمكن دعوى الفرق بين ما إذا شك في ضيق الوقت وسعته وبين ما إذا علم ضيقه وشك في كفايته لتحصيل المائية بالبناء على بقاء الوقت في الأول للاستصحاب دون الثاني، لا لما قيل من صدق خوف الفوت في الثاني دون الأول، ضرورة تحقق خوفه في الصورتين، لأن احتمال الضيق موجب له وجدانا، بل لأن الموضوع في الدليل هو الخوف الناشئ من ضيق، وفي الصورة الأولى يكون الخوف من احتماله لا من نفسه فيجري الاستصحاب بلا دليل حاكم عليه، بخلاف الثانية للدليل الحاكم إلا أن يقال: إن المتفاهم من صحيحة زرارة أن الأمر بالتيمم عند خوف الفوت إنما هو لترجيح ادراك الوقت على الادراك مع المائية فأهمية الوقت أو جبت الأمر بالتيمم مع خوف فوته، وهو حاصل في الصورة الأولى أيضا، فالشارع أسقط الاستصحاب في المقام لأجل أهمية الوقت، واعتنى بخوف فوته لذلك، فمع الدوران بين احتمال فوت الوقت وفوت الطهارة المائية يلاحظ حال الأهم، فيحكم العقل بالتيمم وأسقط الشارع الأصل لذلك، فلا فرق حينئذ بين الفرعين في لزوم التيمم.
الثاني: هل الخوف المأخوذ في موضوع الأدلة على نسق واحد بمعنى أن الموضوع لتشريع التيمم في جميع الموارد هو الخوف، أو الموضوع في جميعها هو