وهنا طائفة أخرى من الروايات وهي ما وردت في مورد خوف العطش كموثقة سماعة " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته؟ قال: يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء فإن الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد " (1) وما عن الحلبي " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الجنب يكون معه الماء القليل فإن هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم؟ فقال: بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء " (2) وخوف القلة والعطش أعم من خوف الهلاك على نفس محترمة وغيره، ولا يكون الخوف من الهلاك في تلك الأسفار وتلك الأمكنة في تلك الأعصار بعيدا قليلا، (فح) تدل الروايتان على تعين التيمم ووجوب استبقاء الماء.
وأما صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فإن الصعيد أحب إلى " (3) ورواية أن أبي يعفور عنه عليه السلام فيما إذا كان الماء بقدر شربه " قال: يتيمم أفضل ألا ترى إنما جعل عليه نصف الطهور " (4) فلا يراد بأفعل التفضيل اثبات الجواز والمحبوبية لاهراق الماء، فإنه مضافا إلى أن خوف العطش أعم من خوف التلف وفي فرضه لا يمكن تجويز الاهراق، بل في فرض حصول الحرج أيضا لا يكون الايقاع في الحرج بإهراقه محبوبا كما عرفت أن قوله عليه السلام " لا يهريق منه قطرة " لا يناسب اثبات الفضل لاهراق جميعه بالاغتسال، كما أن قوله في الثانية: " ألا ترى إنما جعل عليه نصف الطهور " المراد منه التيمم الظاهر في حصر جعل التيمم عليه لا يناسب كونه أفضل فردي التخيير، ثم إنه لا يبعد استفادة حرمة ايقاع الضرر على النفس من مجموع الروايات في موارد متفرقة كأبواب الصوم الضرري والوضوء والغسل والتيمم وغيرها.
الرابع: هل يصح الوضوء أو الغسل في موارد تعين عليه التيمم؟ لا بد من البحث أولا