بالماء أو بالتيمم، فمعه لا يشك العرف في أن الأمر بالامساك إلى آخر الوقت والتيمم عند خوف فوت الوقت ليس إلا لاحتمال حصول المطلوب الأعلى، لا لمطلوبية الامساك نفسا أو اشتراط التيمم بضيق الوقت.
ومنه يعلم أن الروايات المشتملة على التعليل المتقدم لو لم تكن مذيلة به يفهم منها أن الأمر بالتأخير إنما هو لأجل احتمال الوصول إلى المطلوب الأعلى، وهو الصلاة مع المائية وهذا واضح لدى التأمل، (فح) قد يقال في مقام الجمع بين هذه الطائفة والروايات المتقدمة بتقييدها بهذه الطائفة، فتحمل تلك الروايات والآية الكريمة على مورد العلم بفقدان الماء، فيفصل بين رجاء رفع العذر وعدمه كما تقدم نقل اشتهاره بين المتأخرين من أصحابنا.
لكن الانصاف أن هذا النحو من الجمع والتقييد في غاية الوهن لعدم امكان حمل الآية والروايات التي ربما بلغت عشرين كلها في مقام البيان وتعيين الوظيفة من غير إشارة إلى هذا القيد النادر التحقق على هذا المورد، سيما ما اشتملت على التعليل بأن رب الماء هو رب التراب، كصحيحة ابن مسلم " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء؟ قال: لا يعيد إن رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين " (1) وقريب منها رواية معاوية بن ميسرة وعلي بن سالم (2) وبالجملة تقييد الآية و الروايات المستفيضة بل المتواترة بهذا القيد من أبعد المحامل، وتوهم أن محيط ورودها لما كان قليل الماء سيما في المسافرات البعيدة في البوادي التي قلت فيها المياه والمعمورة فلا مانع من الحمل على صورة العلم بالعدم لعدم ندرة الفرض، فاسد، بعد كون جزيرة العرب محاطة بالبحار، وفي معرض الأمطار الكثيرة الغريزة المعهودة فيها في كثير من الأوقات، فكيف يمكن دعوى شيوع العلم بذلك أو عدم ندرته بحيث لا يستهجن ورود المطلقات الكثيرة فيه في مقام البيان.