وتوهم مخالفته له ناشئ من زعم أنه استدل بالآية والرواية لمذهبه فاستكشف منه مذهبه مع أن التدبر في عبارته موجب للاطمئنان بأن استدلاله بهما في مقابل الخصم، ولدعواه الثانية لا لمذهبه.
وقال في الغنية: وأما التراب فالذي يفعل به التيمم ولا يجوز إلا بتراب طاهر ولا يجوز بالكحل ولا بالزرنيخ ولا بغيرهما من المعادن، ولا بتراب خالطه شئ من ذلك بالاجماع وقوله تعالى: " فتيمموا صعيدا طيبا " والصعيد هو التراب الذي لا يخالطه غيره.
والظاهر أن دعواه الاجماع راجعة إلى عدم الجواز بالكحل والزرنيخ وغيرهما من المعادن والتراب المخلوط بشئ منها لا إلى الجملة الأولى، وكيف يدعي الاجماع على عدم الجواز إلا بالتراب مع أن السيد (ره) ادعاه على جوازه بما يجري مجرى التراب أي الأرض، وهو مختار الشيخ بل لعله ادعى الاجماع عليه.
وربما يشهد لذلك قوله: ولا بتراب خالطه شئ من ذلك أي الكحل وما بعده وإلا كان عليه أن يقول: ولا بتراب خالطه شئ من غيره، وكيف كإن لم يظهر منه دعوى الاجماع على عدم الصحة إلا بتراب خالص، ولو سلم فهي موهونة بذهاب المشهور على خلافها.
وربما يتمسك لذلك بقاعدة الشغل وهو إنما يصح لو كان المأمور به أو الشرط هو الطهور المعنوي الذي تكون تلك الأفعال محصلاته، وهو غير ثابت بل ظاهر الأدلة أن الشرط للصلاة هو الوضوء والغسل والتيمم، وقوله: " لا صلاة إلا بطهور " لا يدل على أنه غير تلك العناوين نعم في بعض الروايات اشعار بما ذكر لم يصل إلى حد الدلالة ولا يقاوم ساير الأدلة، هذا مع أنه لو سلم فلا مجال للأصل في مقابل ما عرفت.
الأمر الثاني: لا يصح التيمم بما خرج عن مسمى الأرض كالمعادن الخارجة عن مسماها مثل الزرنيخ والملح والكحل والأحجار الكريمة والذهب والفضة، وكالنبات والشجر بلا اشكال ولا خلاف. إلا المحكي عن ابن أبي عقيل من تجويزه بالأرض وبكل ما كان من جنسها كالكحل والزرنيخ لأنه يخرج من الأرض، والظاهر من قوله