لا يلتزم به القائل، أو أن عدم الوجدان صادق، ولا يجب على المكلف ايجاد الماء وانسلاك نفسه في الواجد، وهو أيضا غير وجيه ولا أظن التزامه به، وترده الروايات المتقدمة، أو أن العقلاء يرون نفوسهم عاجزة ولا يكون العلاج المذكور تحصيلا للقدرة أو لا يكون تحصيلها كذلك واجبا، وأن التكليف بمثله قبيح، فهو أيضا بجميع تقاديره ممنوع لعدم العجز بحسب الواقع مع امكان المزج، وعدم وجوبه إما ناشئ من عدم التكليف المطلق أو من حصول شرط التيمم وهما ممنوعان، وأما غفلتهم عن امكان تحصيل الماء بمثل ذلك فلا يضر بالمطلوب وليس ذلك إلا كغفلتهم عن وجود الماء، وقد عرفت بطلان التيمم معه، وكيف كان الأقوى وجوب العلاج بأي نحو يمكنه بلا حرج ومشقة.
السبب الثاني عدم الوصلة إلى الماء، وهو قد يكون للتعذر العقلي أو العادي كما لو كان في بئر لا يمكنه اخراجه، والوصول إليه بوجه، أو كان في محل لا يمكنه الوصول إليه لكبر ونحوه، ومنه عدم الثمن لشرائه، وهذا مما لا اشكال في التبديل به، لما عرفت من استفادته من الآية بالبيان المتقدم، وقد يكون الوصول إليه حرجيا كما كان في بئر يمكنه الوصول إليه مع الحرج والعسر، ويدل على تبديل فيه أدلة نفي الحرج.
وقد يقال: إن الظاهر من نفي الحرج في الدين أن أحكام الدين سهلة غير حرجية فإذا لزم من الوضوء أو الغسل أو نحوهما حرج يرفع بدليله، وأما إذا كان الحرج في المقدمات فلا، لأن المقدمات ليست من الدين ووجوبها عقلي لا شرعي، فما هو من الدين كالوضوء في المقام ليس حرجيا، وما فيه الحرج ليس مجعولا ولا من الدين، وفيه أن المتفاهم من آية نفي الحرج بمناسبة كونه تعالى في مقام الامتنان أنه تعالى لم يجعل تكليفا ينشأ من قبله الحرج، كان في نفس المتكلف به أو مقدماته أو نتائجه.
ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه استشهاد أبي عليه السلام في رواية عبد الأعلى الصحيحة على الأصح بالآية الكريمة " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل