معنى لدعوى الانصراف. وتدل عليه أيضا صحيحة زرارة المتقدمة عن أحدهما عليهما السلام " قال: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل " الخ (1) فإن وجوب الطلب ما دام في الوقت على فرضه لأجل تحصيل الماء لا لاشتراط التيمم به، وقوله: " فإذا خاف " الخ ظاهر في أن خوف الفوت سبب وموضوع تام لوجوب التيمم من أي سبب حصل، فلو أراق الماء أو قصر في الطلب أو ترك الوضوء بالماء الموجود حتى خاف الفوت يجب عليه التيمم وتتم صلاته ولا قضاء عليه لظاهر الصحيحة، بل يستفاد ذلك من مجموع الأدلة، فإنه يعلم منها أن للوقت منزلة لدى الشارع ليس لغيره وأن الصلاة لا تترك بحال.
وما قيل إن التيم في هذه الحال يمكن أن يكون مبغوضا فضلا عن أن يقع عبادة فاسد، فإن المبغوض هو ترك الصلاة مع المائية لا اتيانها مع الترابية ولا الطهارة الترابية لعدم وجه لمبغوضيتهما.
ومما ذكرنا يتضح عدم وجوب الاحتياط بدعوى تردد المكلف به المعلوم بالاجمال لما عرفت من التكليف بالترابية وأجزائها.
الخامس: قد مر أن الموضوع لانقلاب التكليف بالترابية هو عدم الاهتداء إلى ما يمكنه الاستعمال، وإن شئت قلت: كون الواقعة بحيث لا يهتدي المكلف بماء يمكنه استعماله عقلا وشرعا، أو قلت: عدم الوجدان الأعم من عدم الوجود للماء الكذائي (فح) نقول: لو تفحص عن الماء بما قرره الشارع ولم يقصر فيه صح تيممه وصلاته، ولو كان الماء موجودا بحسب الواقع لتحقق موضوع الانقلاب، وأما لو قطع بعدم الماء أو عدم الاهتداء إليه أو قامت البينة على عدمه، أو عدم الاهتداء به بطلا لعدم تحقق الموضوع لعدم كون الواقعة بحيث لا يهتدي بالماء فهو واجد للماء، وإن كان قاطعا بعدمه وغير معذور واقعا، وإن كان معذورا ظاهرا وغير معاقب على ترك الصلاة مع المائية، فيجب عليه الإعادة وكذا يجب الإعادة على الناسي لماء في رحله، سواء طلب في خارجه غلوة