في هذا الحال فقوله: " إذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم " ارشاد إلى أهمية الوقت، وأنه مع الدوران بين احتمال فوت الوقت وفوت الطهارة المائية توجب أهمية الوقت تقديمه من غير تشريع للتيمم في هذا الحال، ومعه لا وجه للاجزاء، فلو صلى ثم تبين سعة الوقت لإعادتها مع المائية تجب الإعادة، وكذا لو تبين صلوح الوقت للمائية و لو فات بواسطة الصلاة مع الترابية يجب عليه القضاء.
كل ذلك لما تقدم من عدم استفادة التشريع من الرواية بل لا معنى للتشريع بعد حكومة العقل بتقديم الأهم، وتقديم احتمال فوت الأهم على احتمال فوت المهم بل يكفي في عدم الاجزاء احتمال ما ذكرناه، لأن الاجزاء متقوم بالتشريع ومع عدم احرازه يحكم بالإعادة والقضاء، وإن كان في الحكم بالقضاء اشكال يحتاج إلى بسط في المقال وتأمل في المسألة.
الثالث - قد اشتهر بينهم حتى صار كالأصول المسلمة أن أدلة الحرج لمكان ورودها في مقام الامتنان وبيان توسعة الدين لا تدل إلا على نفي الوجوب، ولا يستفاد منها عدم الجواز فالتيمم فيما نحن فيه إذا ثبت تشريعه بدليل نفي الحرج رخصة لا عزيمة، فلو تحمل المكلف المشقة الرافعة للتكليف وتوضأ واغتسل لم يرتكب محذورا وصحت طهارته، ولا توجب حكومة أدلة الحرج على الأدلة الأولية، وتخصيصها بغير مورد الحرج بطلان العبادة، ولو قلنا بعدم بقاء الجواز، لأن غاية ذلك عدم بقاء الحكم الشرعي على جواز المائية، لكي لا يقتضي ذلك رفع مقتضى الطلب ومحبوبية الفعل، وهو يكفي في صحة العبادة كما قرر في مبحث الضد.
فههنا مقامان من البحث: أحدهما: أن المستفاد من الأدلة هل هو السقوط على نحو العزيمة أو الرخصة؟ وثانيهما: أنه لو خالف وأتى بما فيه الحرج بطلت عبادته أولا؟ ولا ملازمة بينهما كما سيأتي في الأمر الرابع البحث عنه وعن المقام الثاني.
أما المقام الأول: فغاية ما يدعى عدم دلالة قوله: " ما جعل عليكم في الدين من حرج " على كون الرفع على وجه العزيمة. وأما الدلالة على كونه على وجه