لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل الخ " إن وجوب الطلب إنما هو لتحصيل الماء لا لتحقق موضوع التيمم، وأن التيمم مشروع عند خوف فوت الوقت وشرطه ذلك لا الطلب، وقوله في رواية السكوني " يطلب الماء في السفر " ظاهر في أن الطلب واجب لتحصيل الماء لا لشرطيته للتيمم، و قد مر تحقيق مدلول الآية.
فتحصل من جميع ذلك أن الروايات بناءا على تسليم دلالتها على الوجوب ارشاد إلى حكم العقل، أو تحديد لما يحكم به كما مر في رواية السكوني.
الرابع: إذا أخل بالطلب وتيمم وصلى مع سعة الوقت ففي الجواهر بطلانه قطعا واجماعا منقولا إن لم يكن محصلا، لما دل على اشتراط صحته به، ولا فرق بين أن يصادف عدم الماء بعد الطلب وعدمه.
أقول: أما دعوى الاجماع في مثل هذه المسألة الفرعية الاجتهادية المتراكمة فيها الأدلة العقلية والنقلية فغير وجيهة، وأما أدلة الاشتراط المدعاة فقد تقدم عدم دلالتها على اشتراط الطلب، بل الظاهر من الأدلة أن عدم الماء الذي يمكن استعماله في الوضوء والغسل إما لفقده أو لعدم وجدانه موجب لانقلاب المائية بالترابية من غير دخالة للطلب موضوعا، ولا لعنوان عدم الوجدان، أي هذا الأمر الانتزاعي فيه، و لهذا لو علم بعدم الماء لا يجب عليه الطلب وإن لم يصدق عدم الوجدان عليه، لأنه عنوان منتزع من عدم العثور عليه بالقوى الجزئية كالبصر، ومع فرض عدم وجوب الطلب مع العلم بعدم الماء لا محيص عن القول بأن عدم الماء واقعا موضوع للانقلاب وإلا لزم موضوعية العلم ولو بنحو جزء الموضوع وهو كما ترى خلاف ارتكاز العقلاء والمتفاهم من الأدلة فيكون عدم الماء واقعا تمام الموضوع للانقلاب، وإن جهل المكلف فلزوم الطلب عقلا أو شرعا لاحراز الواقعة لا لتحقق الموضوع، فلو كان الماء غير موجود في محل الطلب أو كان بوجه لا يهتدى إليه لو طلبه صح تيممه وصلاته، أما إذا كان بحيث لم يوجد إلى آخر الوقت فظاهر بما مر.