هذا مع أن السائلين لم يكونوا من أهل الجزيرة غالبا كزرارة ومحمد بن مسلم وليث المرادي ومنصور بن حازم الكوفيين والحلبي ويعقوب بن يقطين البغدادي وغيرهم، فالحمل المذكور غير وجيه بخلاف حمل الأخبار المانعة على الاستحباب حملا للظاهر على النص على فرض تسليم الظهور اللغوي في الوجوب، مع أنه محل كلام كما قرر في محله فلا اشكال في هذا الحمل سيما مع وجود شواهد في نفسها عليه، ففي رواية محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قلت له: رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين تدخل في الصلاة قال: يمضي في الصلاة، وأعلم أنه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم إلا في آخر الوقت " (1) فإن قوله واعلم أنه الخ بعد الأمر بالامضاء في الصلاة من غير استفصال كالنص في عدم الالزام، فالتفصيل بين العلم باستمرار العذر وعدمه ضعيف كما أن الأقرب بحسب اطلاق الأدلة عدم الفرق بين العلم بزوال العذر وعدمه، ودعوى الانصراف إلى صورة عدم العلم برفعه في غير محلها.
نعم الانصاف انصراف الأدلة عن بعض الموارد بلا اشكال كما لو منعه الزحام عن الوصول إلى الماء إلا بعد ساعة أو كانت نوبته في لاغتراف من الشريعة بعد اغتراف من سبقها وتقدم عليه وأمثال ذلك، بل لا يبعد أن يكون الأمر بالإعادة في موثقة سماعة " عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن علي أنه سئل عن الرجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة ويوم عرفة فأحدث أو ذكر أنه على غير وضوء ولا يستطيع الخروج من كثرة الزحام قال يتيمم ويصلي معهم ويعيد إذا هو انصرف " (2) وقريب منها موثقة السكوني (3) لأجل العلم برفع العذر بعد انصراف الجماعة فيجب عليه الإعادة، و تدل على التفصيل المتقدم والأمر بالصلاة معهم، لكون التخلف عن جماعتهم خلاف التقية، والاعتذار بعدم الوضوء لعله كان غير مقبول عندهم، والأمر بالتيمم وإن