الآخر، وقد تحقق التقدير في الفرض وأما على تقدير استعماله في أحدهما فالظاهر عدم انتقاض ما هو بدل من الآخر لعدم قدرتها على الاتيان بمبدله على تقدير صرف الماء فيما استعملت بمقتضى تكليفها.
وفيه أن مضي الزمان بمقدار العمل لا دخالة له في قدرتها، بل هي حاصلة في أول زمان وجدان الماء الجايز الاستعمال شرعا وعقلا، فإن القدرة على كل منهما ليست معلقة على ترك الآخر، بل فعله رافع للقدرة لأجل المزاحمة عقلا بينهما، فالقدرة قبل الاشتغال بالعملين حاصلة بالنسبة إلى كل من العملين، وبالاشتغال بأحدهما ترفع عن الآخر ما دام الاشتغال أو مع نقصان الماء بالاستعمال.
ومنه يظهر النظر في كلامه الأخير أي عدم الانتقاض على تقدير الاستعمال في صاحبه، لأن القدرة كانت حاصلة لكل منهما قبل الاشتغال بالآخر، ولا يشترط في الانتقاض إلا ذلك، فالأقوى انتقاضهما بمجرد الوجدان والقدرة على الاستعمال قبل الاشتغال بأحدهما ولا تأثير للاشتغال به في عدم الانتقاض.
والعجب أن القائل بالتفصيل في هذا الفرع لم يفصل في الفرع الآخر، فقال لو وجد جماعة ماءا يباح لهم لتصرف فيه، فإن تمكن كل منهم من التصرف فيه على وجه سائغ من غير أن يزاحمه غيره انتقض تيمم الجميع وإلا انتقض تيمم المتمكن خاصة " انتهى ".
وكان عليه التفصيل المتقدم من مضي زمان بمقدار العمل مع تركهم الاستعمال ومع استعمال أحدهم حين الوجدان يلتزم بعدم الانتقاض، إلا أن يقال إن مراده ذلك ولم يصرح به لايكاله على الوضوح بعد بيان الفرع المتقدم فيرد عليه ما تقدم.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وقد وقع الفراغ من هذه الوجيزة في 11 شهر شعبان المعظم سنة 1376