إراقة الماء قبله وبعده.
كما لا ريب في أنه إذا توجه التكليف بنحو الاطلاق بالمكلف لا يجوز تعجيز نفسه، لأن القدرة ليست من القيود والعناوين المأخوذة في المكلف، ولا شرطا للتكليف لا شرعا ولا عقلا، لكن العاجز معذور في ترك التكليف المطلق الفعلي، فلو قال يجب على الناس انقاذ الغرقى لا يكون هذا التكليف المتعلق بالعنوان الكلي مشروطا بحال القدرة شرطا شرعيا، وإلا لكان للمكلف تعجيز نفسه، ولما وجب عليه الاحتياط في الشك في القدرة وليس للعقل تقييد حكم الشرع، بل هو حاكم بمعذورية العبد عند مخالفة التكليف في صورة عجزه، وعدم معذوريته مع قدرته.
وتوهم لزوم تعليق التكليف والبعث على العاجز قد فرغنا من دفاعه في الأصول كما أنه لو فرض استفادة وجود اقتضاء التكليف من الأدلة في صورة عروض عنوان على المكلف يوجب تعلق تكليف آخر به يكون حكمه حكم العجز العقلي، كما لو فرض استفادة اقتضاء لزومي للطهارة المائية أو الصلاة معها، حتى في حال عروض فقدان الماء، فلا يجوز إراقته أو تحصيل العجز في هذه الصورة أيضا، هذا كله مما لا اشكال فيه.
إنما الاشكال في أن حال الطهارة المائية والترابية ماذا؟ وهل التكليف متعلق بالواجد وبالفاقد كتعلقه بالحاضر والمسافر أو يكون التكليف بالطهارة المائية مطلقا وله اقتضاء حتى في صورة فقدان الماء، والطهارة الترابية مصداق اضطراري سوغه العجز عن المائية مع بقاء الاقتضاء اللزومي، فلا يجوز تحصيل الاضطرار؟
فاللازم صرف الكلام أولا إلى الآية الشريفة ثم إلى مقتضى الروايات قال تعالى في المائدة: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله