ثم إن مقتضى ترك الاستفصال في الروايات عدم الفرق بين كون الماء مشتركا بينهم أو مختصا بأحدهم، كما أن الظاهر من التعليل هو كون الترجيح استحبابيا لا إلزاميا كما يظهر من المحقق الاجماع عليه على تأمل، لكن العمل على الروايات إذا كان الميت مالكا مشكل، نعم لا يبعد جواز العمل إذا كان شريكا لعدم لزوم اعطاء الشريك مائه لتغسيله ومعه يكون مائه، مثل ما يفسد ليومه يجوز التصرف فيه وتقويمه أو يرجع إلى ورثته ويجوز لهم التبرع به لغسل الحنب، وأما حمل الروايات على كون الماء مباحا أصليا فغير ممكن، ولا بأس بالعمل بموثقة أبي بصير بعد كون الترجيح استحبابيا، وأما مرسلة محمد بن علي (1) فمع ضعفها ومخالفته للمعتبرة وفتاوى الأصحاب لا يعول عليها.
الثامن - إذا تيمم الجنب بدلا من الغسل ثم أحدث بالأصغر فعن المشهور أنه أعاد بدلا من الغسل ولا يتوضأ لو وجد ماء بقدر الوضوء، وعن السيد في شرح الرسالة أن المجنب إذا تيمم ثم أحدث حدثا أصغر ووجد ما يكفيه للوضوء توضأ لأن حدثه الأول قد ارتفع و جاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفيه لها فيجب عليه استعماله " انتهى " و أجابوا عنه بقيام الاجماع على أن التيمم ليس برافع بل هو مبيح والجنابة باقية، وزالت الإباحة بالحدث الأصغر فيجب عليه الغسل ومع فقد الماء التيمم بدله، ويظهر من الاستدلال وجوابه أن المسألة مبتنية على المسألة المتقدمة. ومع القول بالرافعية لا مجال للقول المشهور، ومع القول بالاستباحة لا مجال لقول السيد، ولكن الأمر ليس كذلك لامكان القول بالرافعية إلى غاية حصول الحدث، وامكان القول بأنه مبيح لا ترفع إباحته من حيث الجنابة بحدوث الأصغر، فلا بد من النظر في الأدلة على كلا القولين.
فنقول: إن مقتضى اطلاق أدلة التنزيل والبدلية كتابا وسنة قيام التيمم مقام الغسل والوضوء في جميع ما لهما من الآثار سواء قلنا بطهوريته أو لا.