في الليلة الباردة فيخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ فقال: يتيم ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد " (1) ومثلها مرسلة جعفر بن بشير (2) غير ظاهرة (2) في المتعمد لو لم نقل بظهورها في غيره، مع أن ظاهرها صحة الصلاة مع التيمم في هذه الحال، ومعها يكون مقتضى القاعدة الاجزاء، فتكون قرينة على حمل الأمر بالإعادة على الاستحباب لبعد كون الصلاة صحيحة ووجوب الإعادة تعبدا، ولو لم يسلم ذلك فلا بد من حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين ما تقدم من الأدلة المتظافرة على عدم وجوب الإعادة والتفصيل بين فاقد الماء والمقام في غير محله، مع أن العرف يفهم من تلك الأدلة أن تمام المناط هو صحة صلاته مع التيمم واقتضاء الأمر الاجزاء، مضافا إلى صحيحتي داود بن السرحان عن أبي عبد الله عليه السلام والبزنطي عن الرضا عليه السلام " في الرجل يصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد؟ فقال: لا يغتسل ويتيمم " (3) فإنه يفهم منهما جزما صحة الصلاة مع التيمم وعدم لزوم الإعادة لقاعدة الاجزاء.
فحمل الأمر بالإعادة على الاستحباب أولى من التصرف فيهما خصوصا مع جعل الخائف قرينا مع المجروح والمقروح مما لم ينقل من أحد وجوب الإعادة عليهما بعد الالتيام.
ومما ذكرنا يظهر أنه لا مجال للتفصيل بين وجود الماء وخوف النفس عن استعماله وبين فقدان الماء بلزوم الإعادة بعد الصلاة مع التيمم في الأول، بدعوى أن ذلك مقتضى الروايات لاختصاص ما دلت على عدم الإعادة بفاقد الماء، وما دلت على الإعادة أي صحيحة ابن سنان ومرسلة جعفر بن بشير بالواجد الخائف.
وذلك لما عرفت من أن الأمر بالتيمم والصلاة في الروايتين دال على أن ما يأتي به في هذه الحال مع التيمم هي الصلاة التي كانت على المسلمين كتابا موقوتا لا صلاة أخرى وجبت على خصوص الخائف تعبدا وبقيت الصلاة المكتوبة على عامة المسلمين