بالتراب في التيمم إنما هو إلى طرف الأنف من غير استيعاب له، فإن باقي الفقهاء يوجبون الاستيعاب، وقال في الثاني بعد قول الناصر: وتعميم الوجه واليدين واجب، بهذه العبارة: هذا غير صحيح، وقد بينا في المسألة التي قبل هذه إلى أن قال: وقد أجمع أصحابنا على أن التيمم في الوجه إنما هو من قصاص الشعر إلى طرف الأنف " انتهى " والظاهر من مسح الوجه إلى طرف الأنف هو مسح جميع القطعة التي وقعت من الوجه فوق طرف الأنف، لا ما هو بحذاء طرفه فإنه أقل من عرض إصبع واحد، ولا ينطبق إلا على أقل قليل من الجبهة، فاحتماله في عبارته وساير عبارات القوم مقطوع الفساد بل الاجماع والضرورة على خلافه، وإليها من هذه الجهة ترجع ظاهرا عبارة المقنع: فامسح بهما بين عينيك إلى أسفل الحاجبين، لاحتمال كون المراد التحديد عرضا باليدين وطولا إلى أسفل الحاجبين، سيما مع ذكر الحاجبين لا طرف الأنف.
والظاهر رجوع قول الصدوق في الأمالي إليه، قال فيما وصف دين الإمامية:
فإن أراد الرجل أن يتيمم ضرب بيديه على الأرض مرة واحدة ثم ينفضهما فيمسح بهما وجهه إلى أن قال: وقد روي أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه ويمسح على ظهر كفيه وعليه مضى مشايخنا.
وقال في الفقيه: ومسح بهما جبينيه وحاجبيه، والظاهر بقرينة أفراد الجبين في الأمالي وضم الحاجبين الظاهر منه مسح تمامهما الملازم لمسح الجبهة أن مراده مسح الجبهة والجبين، ويشهد له أن مسح الجبين فقط مخالف لكلمات الأصحاب هذا حال كلمات أصحابنا من زمن الصدوق إلى عصر المحقق مما عثرت عليه من كتبهم كالأمالي والفقيه والمقنع والهداية والانتصار والناصريات والنهاية والخلاف والوسيلة والمراسم والغنية، وإشارة السبق، وعن أبي الصلاح وابن إدريس كذلك.
وأما من عصر المحقق فقد تغيرت العبارات فقال في النافع: وهل يجب استيعاب