الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان أشهرهما اختصاص المسح بالجبهة وظاهر الكفين، والظاهر أن مراده أشهرهما فتوى كما تقدم، وهو مبني على أن مراد قدماء أصحابنا من العبارات المتقدمة هو مسح الجبهة بقرينة قولهم من قصاص الشعر إلى طرف الأنف، لكن قد مر أن ذلك لتحديد الطول، فكما حددوا الوجه في الوضوء من قصاص الشعر إلى مجاور شعر الذقن طولا، وبما اشتمل عليه الإبهام والوسطى عرضا حددوه في المقام عرضا بقولهم مسح بهما الظاهر في تمام باطنهما متصلين وطولا بما ذكر في مقابل الاستيعاب.
وقد نسب في محكي المعتبر مسح الجبهة إلى مذهب الثلاثة وأتباعهم، فإن كان مراده اختصاصه بالجبهة كما صرح في النافع ففيه ما مر، وإن كان مراده لزوم مسحها أيضا مضافا إلى الجبينين فهو حق، وظاهر الشرايع اختصاصه بها كظاهر العلامة في القواعد والارشاد وهو ظاهر التذكرة أيضا، وإن عبر فيها بمسح الوجه لتمسكه بقول الصادق عليه السلام في رواية زرارة " قال: ولأن زرارة سأل الصادق عليه السلام عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ومسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة " (1) وهي بعينها موثقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام لكنه نسبها إلى الصادق عليه السلام، ولعلها رواية أخرى عثر عليها وإن كان بعيدا.
وقال في المنتهى: أكثر علمائنا على أن حد الوجه هنا من قصاص الشعر إلى طرف الأنف اختاره الشيخ في كتبه والمفيد والمرتضى في انتصاره، وابن إدريس و أبو الصلاح، ثم حكى قول علي بن بابويه وغيره، وتمسك لمختاره بروايات الجبهة والجبينين في مقابل القائل بالاستيعاب.
والانصاف امكان ارجاع كلامه فيهما إلى ما ذكرناه واستظهرناه من كلام القوم، وعن الشهيد في الذكرى أن مسح الجبهة من القصاص إلى طرف الأنف متفق عليه بين الأصحاب، ولعل مراده وجوب مسحها لا الاختصاص بها، وصرح ثاني الشهيدين في الروض بالاختصاص، وقال: هذا القدر متفق عليه بين الأصحاب إلى