وقد يجمع بين الروايات الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وبين الروايات الظاهرة في مسح الجبهة كالموثقة على إحدى النسختين والرضوي حيث قال فيه: " ثم تمسح بهما وجهك موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف " (1) ومرسلة العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال بعد حكاية قضية عمار " ثم وضع يديه جميعا على الصعيد ثم مسح من بين عينيه إلى أسفل حاجبيه " (2) بناء على ظهوره في الجبهة كما لا يبعد برفع اليد عن ظاهر كل من الطائفتين بصريح الأخرى، فإن الطائفة الثانية نص في اعتبار الجبهة، وظاهر في عدم اعتبار غيرها من باب السكوت في معرض البيان، والطائفة الأولى عكسها فيأول الظاهر بالنص فيحكم باعتبارهما، وهو كما ترى ضرورة أن واحدة من الطائفتين ليست نصا في الاعتبار معينا بل ظاهرة في التعيين.
والأقرب في الجمع بينهما مع قطع النظر عن فتاوى الأصحاب هو الاجتزاء بكل من الجبهة والجبينين، فيرفع اليد عن ظهورهما فيه، بل لولا مخالفة الأصحاب لقلنا بعدم كون ذلك الجمع مخالفا للظاهر المعتد به، لأن العمل ليس له ظهور في التعيين، و الروايات كلها إلا الرضوي حكاية أعمال بل ظهور الأعمال في الاجتزاء قوي يعارض ما لو دل دليل على اعتبار شئ آخر، لكن لا مناص عن رفع اليد عن هذا الظهور بعد الاجماع على لزوم مسح الجبهة وظهور كلمات الأصحاب كما عرفت في مسح الجبهة والجبينين.
الجهة الثانية أن ظاهر تحديد الأصحاب إلى طرف الأنف هو الظرف الأعلى منه كما صرح به في المنتهى، وقال: إنه المراد في عبارات المفيد والشيخ والسيد و ابن حمزة وأبي الصلاح وهو ظاهر من قال بمسح الجبينين والحاجبين كالصدوق في الفقيه.
وقال في الأمالي: وقد روي أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه وعليه مضى