لغوا وقد يكون للإضرار أو إيصال الحرج بالجار.
فبناء على ما ذكرنا في معنى حديث نفي الضرر لا يبعد انصرافه عما إذا كان ترك تصرفه في ملكه موجبا لتضرره أو وقوع الحرج عليه، لأن النهي عن الإضرار بالغير لا يقتضى تحمل التضرر أو الحرج والمشقة فلا يجب على المالك تحملهما بترك التصرف في ملكه لأجل وقوع الضرر على جاره (نعم) لا يجوز إيقاع الضرر ابتداء على الغير ولو لزم من تركه الضرر عليه، وهذا غير لزوم الضرر عليه من التصرف في ملكه كما هو ظاهر.
هذا إذا لزم من ترك التصرف في ملكه ضرر أو حرج عليه، ومنه ما إذا لزم من تركه فقدان المنفعة المعتد بها فان حبس المالك عن الانتفاع بملكه حرج عليه واما مع عدم لزومهما فلا يجوز له التصرف الموجب لهما، وكذا على مسلك القوم في معنى الحديث يمكن دعوى ذلك الانصراف لأنه قاعدة امتنانية ومقتضى الامتنان ذلك، وبالجملة دليل الضرر منصرف عما يلزم من رفعه إثبات الضرر، واما إذا لم يلزم ذلك كما لو حفر بئرا لمجرد الإضرار على الجار أو لغوا فلا يجوز.
وقد يقال فيما يلزم الضرر: ان جواز حفر البئر ضرري لتضرر الجار به، ومنع تصرف المالك في ملكه ضرري لتضرر المالك به، فيتعارض الضرر ان فيرجع إلى قاعدة السلطنة أو إلى الأصول العقلية والشرعية، ولو لزم من الحفر وتركه الحرج يتعارض الحرجان ولو كان أحدهما حرجيا والاخر ضرريا يتعارضان الا (ان يقال) دليل الحرج حاكم على دليل الضرر فيختلف حكم صور المسألة ففي صورة تعارض الضررين أو الحرجين يقدم حق المالك لقاعدة السلطنة أو الأصول، وفي صورة حرجية أحدهما يقدم جانب الحرج لو قلنا بالحكومة والا فيرجع إلى قاعدة السلطنة أو الأصول.
وقد يقال: ان منع المالك عن التصرف في ملكه بنفسه حرج ففي جميع الصور يقدم جانب المالك لحكومة دليل الحرج أو للتعارض والرجوع إلى قاعدة السلطنة أو الأصول أقول: اما (دعوى) كون منع المالك عن التصرف في ملكه هو بنفسه حرج منفي بدليل الحرج (ممنوعة) فان الحرج هو الضيق والكلفة والمشقة ومطلق المنع ليس كذلك (نعم) قد يلزم منه الحرج.