ان المشكل والمعضل الذي هو موضوع القرعة انما هو من قبيل الأمر الوارد على الحاكم ولم يأت فيه كتاب ولم تجر فيه سنة للقضاء والحكم تأمل.
ويدل عليه معقد إجماع الحلي المتقدم حيث قال: «وكل امر مشكل يشتبه فيه الحكم فينبغي ان يستعمل فيه القرعة» فان الظاهر منه ان المشكل والمشتبه ما يكون الحكم فيه مشتبها ومشكلا، واما قوله: «كل مجهول ففيه القرعة» فلم ينقل لنا صدرها ولعل فيه قرينة على ما ذكرنا، وعبارة الشيخ في النهاية تدل على انه فهم منها ما ذكرنا حيث قال: «وكل امر مشكل مجهول يشتبه الحكم فيه فينبغي ان يستعمل فيه القرعة لما روى عن أبي الحسن موسى» وروى الرواية المتقدمة، فان الظاهر من جمعه بين المشكل والمجهول والمشتبه في عبارة واحدة والتمسك بالرواية التي ليس فيها الا عنوان المجهول دليل على ان المشكل والمجهول والمشتبه عنده موضوع واحد.
فعلى هذا الاحتمال يكون تقدم الاستصحاب على القرعة أوضح لأن الاستصحاب يرفع الإشكال في مقام القضاء لأنه إذا كان قول أحد المدعيين مطابقا للاستصحاب يقضى له ويصير اليمين إليه لكن هذا الاحتمال وان كان قريبا بالنسبة إلى جمع من الروايات لكن لا ينطبق على جميعها فراجع.
والمدعى هو تطبيق الأدلة العامة على ذاك الاحتمال وهو قريب جدا ولك ان تقول بأوسعية نطاقها من رفع الأمر إلى القاضي ومن رفع الأمر إلى الوالي بل ومن موارد التشاح بين الرعية مع حفظ ان يكون المراد من الأمر المشكل الإشكال في حل العقدة سواء كان الإشكال لأجل قضاء القاضي أو الحاكم السياس أو قضاء المتخاصمين في حل القضية لعدم الترجيح وعدم طريق إلى الحل وعلى ذلك تنطبق عليه جميع الأدلة فتدبر جيدا.
وعلى أي حال لا إشكال في تقدم دليل الاستصحاب على أدلة القرعة، ومما ذكرنا من اختصاص مصب القرعة واخبارها العامة بباب مشكلات القضاء أو الأعم منها ومن موارد تزاحم الحقوق يتضح عدم تماسها مع أدلة البراءة والاحتياط والتخيير والحل والطهارة.
ثم ان بعض الأعاظم ذكر في المقام شيئا لا يخلوا من غرابة وهو انه: انه لا يمكن