فان فيها وجوها من الدلالة على شدة العناية بالاجزاء، ولا يمكن ان يقال بعد هذا التأكيد والمبالغة والتعبير بما سمى الله وأوجب الله عليك فيه وضوئه انه فرض امرا بسيطا بل في موثقة ابن أبي يعفور أيضا دلالة على عنايته بالاجزاء وكون الوضوء امرا مركبا بل الظاهر من آية الوضوء أيضا هو العناية باجزاء الوضوء كما أشارت إليها صحيحة زرارة فلا يمكن الالتزام بما أفاده، ولا محيص الا بما ذكرنا ولا إشكال فيه لأن دلالة صدر موثقة ابن أبي يعفور على عدم الاعتناء بالشك إذا حدث في الأثناء ليس الا - بالإطلاق كمفهوم ذيلها، بل تقييد التجاوز بما بعد الوضوء من أسهل التصرفات لأن حدوث الشك في الأثناء نادر لأنه يحدث نوعا بعده فإخراج الفرد النادر سهل.
ثم انه وقع الإشكال في إلحاق الغسل والتيمم بالوضوء وعدمه ولا دليل على الإلحاق الا ان يقال في توجيه إخراج الوضوء بمقالة الشيخ الأنصاري من كونه على القاعدة لأنه اعتبر امرا بسيطا لوحدة مسببه وان الغسل والتيمم أيضا كذلك مع ان بدلية التيمم عن الوضوء تقتضي ذلك (وهو كما ترى) وقد عرفت ان اعتبار البساطة خلاف الأدلة، أو يقال: ان أدلة التجاوز قاصرة عن إثبات الحكم لغير الصلاة وقد عرفت ضعفه هذا مضافا إلى دلالة ذيل صحيحة زرارة المتقدمة آنفا بإطلاقه على عدم الاعتناء بالشك في غسل الجنابة ولو حدث في الأثناء، فان الظاهر من الفقرة الأولى ان الشك إذا حدث في أثناء الصلاة وكانت به بلة مسح بها عليه، وهذا حكم استحبابي، ومن الفقرة الثانية وهي قوله: «فان دخله الشك وقد دخل في حال أخرى فليمض في صلاته» ان الشك إذا حدث قبل الصلاة بعد انتقاله إلى حال أخرى فليمض في صلاته، أي المصلى إذا كان دخله الشك في غسل ذراعه أو بعض جسده في غسل الجنابة بعد الانتقال إلى حال أخرى فليمض في صلاته، ولا إشكال في ان المشتغل بغسل الجانب الأيسر إذا دخله الشك في غسل رأسه أو ذراعه اليمنى أو بعض جسده يصدق انه دخله الشك وقد دخل في حال أخرى ولا وجه لحمل الحال الأخرى على حال غير غسل الجنابة فإنه تقييد بلا وجه، وقد عرفت ان مقتضى مقابلة الفقرة الثانية للأولى ان المفروض فيها حدوث الشك قبل الصلاة، وبالجملة ان إلحاق الغسل بل التيمم بالوضوء ضعيف.