التجاوز عن الفراغ فيما إذا فرغ من العمل وشك في وصف جزئه الأخير أو شرطه أو شك في شرط المركب قبل الدخول في غيره فتشمله قاعدة الفراغ لا التجاوز.
يقال له: ان اعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز دون الفراغ مما لا وجه له، فان وجه اعتباره في قاعدة التجاوز انما هو ظهور قوله في مثل صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر: «ودخلت في غيره» في ذلك، وهذا التعبير بعينه بل أصرح وآكد منه موجود في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام التي تكون مستنده قاعدة الفراغ، وكذا في موثقة ابن أبي يعفور المنقولتين في أبواب الوضوء (1) ففي أولاهما: «فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك وضوئه لا شيء عليك فيه» وفي ثانيتهما: إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء انما الشك «إذا كنت في شيء لم تجزه» بناء على رجوع ضمير غيره إلى الوضوء، ولا وجه لفهم القيدية في إحدى الطائفتين دون الأخرى وسيأتي التعرض لذلك إن شاء الله.
لا يقال: ان قاعدة الفراغ عامة سيالة في جميع أبواب الفقه دون قاعدة التجاوز فإنها مختصة بباب الصلاة.
فإنه يقال: قصر قاعدة التجاوز بباب الصلاة ممنوع لعموم الدليل وعدم المخصص، اما عمومه فلما عرفت، واما عدم المخصص اللفظي فظاهر، واما عدم المخصص اللبي من إجماع أو شهرة فلعدم ثبوتهما فما ادعى بعض المحققين (2) من اختصاصها بباب الصلاة لم يظهر له وجه.
ولقد أجاد في الجواهر حيث قال: ربما احتمل اختصاص مورد هذه الاخبار في الصلاة لاقتضاء سياقها ذلك وهو ضعيف جدا بل هي قاعدة محكمة في الصلاة وغيرها من الحج والعمرة وغيرهما نعم هي مخصوصة بالوضوء خاصة لما سمعته من أدلته فمن هنا وجب الاقتصار عليه ولا يتعدى منه في هذا الحكم للغسل مثلا بل هو باق على القاعدة