قد مضى محله المقرر الشرعي فامضه كما هو، فيكون مفاده إعطاء قاعدة التجاوز، كما ان المراد من قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المنقولة في أبواب الخلل (1):
«كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد» هو بيان مورد من موارد قاعدة التجاوز فيكون ملاك الحكم هو التجاوز عن المحل لا الفراغ من العمل ولا محيص عن حملها على ذلك، ضرورة انه مع جريان قاعدة التجاوز في باب الصلاة من غير إشكال لدلالة النصوص الكثيرة عليه لا معنى لجعل قاعدة الفراغ فيه مستقلا ومما ذكرنا يقرب احتمال آخر في قوله: «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» وهو انه بصدد بيان مورد من موارد قاعدة التجاوز أي الشك الحادث بعد مضي العمل المتعلق بكل ما اعتبر فيه لا اعتبار به، لا لدخالة الفراغ في ذلك بل بملاك التجاوز عن المحل، فالشك الحادث بعد العمل كالحادث بينه بعد مضي المحل لا اعتبار به لا بملاكين بل بملاك واحد هو التجاوز عن المحل فحينئذ تكون جميع روايات الباب المتقاربة المضمون والتعبير لا عطاء قاعدة كلية هو عدم الاعتناء بالشك بعد تجاوز المحل.
ومما ذكرنا يمكن ان يدعى ان الوضوء باق تحت قاعدة الشك بعد التجاوز لكن الشارع تصرف في التجاوز فيه وقيده في خصوص باب الوضوء بالتجاوز عن تمام العمل وهذا من قبيل تقييد المورد لا تخصيصه حتى يستشكل فيه بالاستهجان نظير آية النبأ إشكالا وجوابا في هذه الحيثية بل المقام خال عن الإشكال ولو قلنا باستهجان تقييد المورد فإنه من قبيل تقييد إطلاق المورد بإخراج بعض الفروض النادرة نسبة، فان عروض الشك بين الوضوء نادر خصوصا بالنسبة إلى أصل الغسل والمسح لا الشرائط والموانع، والظاهر من الدليل المخصص أو المقيد لقاعدة التجاوز بالنسبة إلى الوضوء وهو صحيحة زرارة الآتية هو اختصاص الخارج بالشك فيما سمى الله تعالى وأوجبه على العباد في ظاهر الكتاب لا غيره مما فهم اعتباره بالسنة وهذا بوجه نظير الشك في الركعتين الأوليين من الصلاة حيث لا يدخل فيهما الشك لكونهما فرض الله (وبالجملة) لا دليل على التقييد فيما عدى ما سمى - الله من الغسل والمسح أو مع بعض الخصوصيات المستفادة من ظاهر الكتاب فلو شك في