إكرامهم أو ليس الفساق أهلا للإكرام، أو إكرامهم خطأ، أولا أقول بإكرامهم أو أمثالها تصير تلك الألسنة قرينة على صرف قوله يجب إكرام العلماء عن وجوب إكرام الفساق منهم مع ان النسبة بينه وبينها عموم من وجه ولا فرق بين ما ذكر وبين ما تقدم الا في كيفية التأدية والتعبير وكذا الحال في قوله: لا سهو لمن أقر على نفسه بالسهو، بالنسبة إلى أدلة الشكوك وقوله ما جعل عليكم في الدين من حرج، أو لا ضرر ولا ضرار، أو ما يريد الله بكم العسر، بالنسبة إلى أدلة الأحكام مع ان النسبة بينهما عموم من وجه وليس هذا النحو من التقديم بلحاظ مقام الظهور وترجيح الأظهر على الظاهر أو النص على الظاهر.
ومن ذلك يعلم ان غير التقديم الظهوري الذي يكون معولا عليه عند العقلاء يكون ترجيح وتقديم آخر وهو ان يكون أحد الدليلين بمدلوله متعرضا لحيثية من حيثيات الدليل الآخر التي لم يتعرضها ذلك الدليل.
وتوضيح ذلك: ان الدليلين اما ان يكون كل منهما متعرضا بمدلوله لما يتعرضه الدليل الآخر ويكون الفرق بينهما بعد اشتراكهما في ذلك في جهات اخر كالإيجاب والسلب مثل أكرم العلماء ولا تكرم العلماء أو مع أخصية أحدهما عن الآخر مثل أكرم العلماء ولا تكرم فساقهم، أو مع كون النسبة عموما من وجه مثل أكرم العلماء ولا تكرم الفساق وكاختلافهما في زيادة قيد مع الاتفاق في الكيف مثل ان ظاهرت أعتق رقبة وان ظاهرت أعتق رقبة مؤمنة ففي جميع تلك الموارد ترى ان كلا من الدليلين يتعرض لما يتعرضه الاخر فكما ان أحدهما تعرض وجوب إكرام العلماء تعرض الآخر عدم وجوب إكرامهم وكما ان أحدهما تعرض لعتق رقبة تعرض الاخر لعدم عتق كافرتها أو لعتق مؤمنتها فما لمدلول اللفظي من أحدهما هو المدلول الآخر مع اختلاف في الكيف أو في زيادة أو مثلهما.
وان شئت قلت: في الأدلة اللفظية ان التصادم بينهما في مرحلة الظهور مع اتحادهما في جميع المراحل من الأصول العقلائية فإذا كان الدليلان كذلك يكون تقديم أحدهما على الاخر تقديما ظهوريا ومناطه أظهرية أحدهما من الآخر فتقديم لا تكرم الفساق من العلماء على أكرم العلماء ليس الا من جهة تقديم الأظهر على الظاهر