منها انه لا ينتقض الحجة بغير الحجة، لا بمعنى ان عنوان اليقين والشك استعملا في الحجة وغير الحجة فإنه واضح البطلان بل هما مستعملان في معناهما، لكن العرف لا يرى لخصوصية العنوان دخالة في الحكم كما ان في قوله: رجل شك بين الثلاث والأربع، لا يكون الرجل مستعملا في مطلق المكلف بل العرف يلقى خصوصية الرجل ويرى ان ذكره من باب المثال.
فحينئذ يكون تقدم أدلة حجية خبر الثقة على أدلة الاستصحاب بناء على أخذها من الأدلة اللفظية مثل مفهوم آية النبأ ومثل قوله (ما يؤدى عني فعني يؤدى) على نحو الحكومة على إشكال ونتيجتها الورود لأن مفاد أدلة حجية الخبر ولو التزاما إلقاء الشك فان مفهوم الآية بناء على المفهوم ان نبأ العادل لا يتبين لكونه متبينا وليس العمل به إصابة القوم بجهالة وهو رافع للشك، واما لو قلنا بان دليل حجية خبر الثقة ليس الأبناء العقلاء وسيرتهم على العمل به والأدلة اللفظية كلها إرشادات إليها كما هو التحقيق فتقدمها على الاستصحاب يكون بالتخصص أو الورود بل هذا في الحقيقة ليس تقدما لأن الخروج الموضوعي ليس من التقدم لأن العقلاء لا يرون العمل بخبر الثقة عملا بغير الحجة فلا يكون العمل على طبق الأمارة نقضا لليقين بالشك لديهم، وان اشتهيت ان تسمى هذا النحو من التقدم ورودا ببعض المناسبات فلا مشاحة فيه، ومما ذكرنا يظهر حال ساير الأمارات.
الثاني وجه تقدم الأمارات على أدلة البراءة الشرعية هو الحكومة ان كان التمسك في الأمارات بالأدلة اللفظية لأن قوله (رفع ما لا يعلمون) أو (الناس في سعة ما لا يعلمون) محكوم مفهوم آية النبأ وساير الأدلة لأن مفادها إلقاء الشك فتعرض لموضوع أدلة البراءة وهي لا تتعرض له، فان قلنا بان المراد مما لا يعلم هو عدم الحجة كما هو التحقيق تكون نتيجة الحكومة هي الورود والا تكون النتيجة إعدام الموضوع تشريعا وتعبدا والتخصيص لبا وهو من أقسام الحكومة كما عرفت.
الثالث وجه تقدم أدلة الاستصحاب على أدلة الحل والبراءة الشرعيتين هو الحكومة ونتيجتها الورود لأن مفاد «لا تنقض» كما عرفت إطالة عمر اليقين تعبدا وان الشك لا أهلية