العلماء ودل دليل على انه ما أريد إكرام الفساق أو ما حكمت بإكرامهم أو ما جعلت ذلك يكون مقدما عليه من غير لحاظ النسبة والظهور، وليس هذا الا لتعرض الحاكم لما لا يتعرضه الاخر، فان الدليل المحكوم ليس بمدلوله متعرضا لكون إكرامهم مرادا أو مجعولا أو محكوما به فإنها معلومة من الخارج أو لأجل الأصل العقلائي ومن هذا القبيل تقديم «لا تعاد» على أدلة الاجزاء والشرائط لأنها لا تتعرض للحيثيات اللاحقة أي الإعادة واللا إعادة وانما يحكم العقل بان التارك للجزء أو الشرط يعيد.
ثم ليعلم ان نتيجة حكومة دليل على دليل قد تكون تخصيصا مثل ليس الفساق من العلماء بالنسبة إلى إكرام العلماء فإنه خروج حكمي بلسان الحكومة، وقد تكون تقييدا كتقدم دليل رفع الحرج على إطلاق أدلة الأحكام، وقد تكون توسعة في الحكم بلسان توسعة الموضوع كقوله: (الطواف بالبيت صلاة)، وقد تكون ورودا كتقدم أدلة الاستصحاب على أدلة الأصول الشرعية بناء على كون المراد من العلم الذي أخذ غاية في أدلتها هو الحجة في مقابل اللا حجة فان قوله: (لا تنقض اليقين بالشك) حاكم على أدلتها لأن لسانه بقاء اليقين وإطالة عمره فيكون متعرضا لتحقق العلم الذي جعل غاية للأصول، وأدلة الأصول ليست متعرضة لذلك فيكون حاكما عليها ونتيجة حكومته الورود، وان كان المراد من العلم هو العلم الوجداني يكون دليل الاستصحاب حاكما عليها ونتيجته إعدام الموضوع تعبدا وحكما.
فالورود والتخصيص والتقييد وغيرها كثيرا ما تكون من نتائج الحكومة وثمراتها وليس الورود في عرضها، فان حيثية تقدم دليل على دليل آخر ليست الا على نحوين (أحدهما) التقدم الظهوري (والثاني) التقدم على وجه الحكومة سواء كانت نتيجتها رفع الموضوع حكما أو رفعه حقيقة فالورود ليس من أنحاء تقديم دليل لفظي على دليل آخر في مقابل التخصيص والحكومة.
وان شئت قلت: تقسيم تقدم دليل على آخر بين التقدم الظهوري وعلى نحو الحكومة حاصر دائر بين النفي والإثبات فلا يعقل قسم آخر في الأدلة اللفظية يسمى ورودا، فان أحد الدليلين اما ان يتعرض لما يتعرضه الدليل الاخر أو يتعرض لما لا يتعرضه ولا ثالث