وقد وقع الاشكال في مواضع:
أحدها تشخيص مقدار التمكن والذي يظهر من كلمات الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم الاحتراز به عن مثل المسروق والمحجور والمدفون والغائب، فلا يتوجه عليهم الاشكال بأنه إن أريد التمكن من جميع التصرفات فينتقض بما لو لم يقدر على بعض التصرفات لعذر شرعي وإكراه مكره بالنسبة إلى بيع خاص وإن أريد التمكن من التصرف في الجملة فالأمثلة المذكورة المالك يتمكن فيها من التصرف في الجملة، وقد يقال: المراد كون المال بحيث يتمكن صاحبه عقلا و شرعا من التصرف فيه على وجه الاقباض والتسليم والدفع إلى الغير بحيث يكون من شأنه بعد حول الحول أن يكلف بدفع حصة منه فإن المستفاد من أخبار الباب تعلق الزكاة إذا حال الحول على المال في يده وعنده من غير مدخلية شئ في الوجوب ولا يكون ذلك إلا إذا كان المال في تمام الحول بحيث يتمكن من الاخراج إلا أن هذا التمكن شرط في آخر الحول وإلا لزم توقف الوجوب على شئ آخر و استشكل عليه بمنع إرادة الأصحاب هذا المعنى.
وأما الأخبار فليست مسوقة إلا لبيان اشتراط تعلق الزكاة بوصول المال إليه وبقائه تحت يده حتى يحول الحول لا انحصار شرائط الزكاة به سلمنا ظهورها في السببية التامة، ولكن لا ينافي ذلك كونه ممنوعا من التصرف فيه بالدفع والاقباض لولا تعلق الزكاة كما لو نذر أو حلف أو أمر الوالد أن لا يتصرف في مال إلى ما بعد الحول، فإذا تعلق بماله الزكاة ارتفع النهي فليس التمكن من الدفع و الاقباض قبل تعلق الوجوب شرطا في تحققه، ثم اختير اعتبار كون المال في يده تمام الحول أي تحت تصرفه بحيث يكون البقاء عنده مستندا إلى اختياره فلا يكفي مجرد وصول المال إليه وبقائه عنده بقهر قاهر من غير أن يتحقق له استيلاؤه عليه بإبقائه وإتلافه، وأما كون تصرفه بالابقاء والاتلاف سائغا له شرعا فلا يفهم اعتباره من الأخبار، ويمكن أن يقال: كما لا يفهم من الأخبار ما ذكر كذلك لا يفهم منها أيضا اعتبار كون البقاء عنده مستندا إلى اختياره فلو كان عنده مال تمام