ولا أظن أن يلتزم به مضافا إلى أن كثيرا من الناس نسبتهم إلى المواقيت على السواء ولا مهل لأرضهم، وثالثا التقييد المذكور لا يتمشى بالنسبة إلى خبر إسحاق بن عبد الله فإن المدني أين مهل أرضه من مسيرة ليلة أو ليلتين واحتمال تخصيص هذا الخبر بغير المدني كما ترى، وفي المدارك هنا عن المشهور أنه اعتبر في وجوب الحج الاستطاعة من البلد إلا مع انتقال الفرض فتنتقل الاستطاعة، ثم قال: ولو قيل: إن الاستطاعة تنتقل مع نية الدوام من ابتداء الإقامة أمكن ثم مال إلى عدم الاعتبار حيث أن اعتبار الزاد والراحلة مع الحاجة، ومع عدم الحاجة لا يعتبر، وروى معاوية بن عمار في الصحيح (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يمر مجتازا يريد اليمن وغيرها من البلدان وطريقه مكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟
قال: نعم) (1).
واستشكل عليه باعتبار الاستطاعة شرعا وعرفا من بلده وإلا لاجتزى بحج المتسكع إذا تمكن من أداء المناسك مع الرجوع إلى بلده، وفيه نظر لعدم الدليل على اعتبار التمكن من البلد بمعنى الوطن وإلا لزم القول بعدم الاستطاعة لمن سافر إلى بلد غير بلده بقصد التجارة أو غيرها من الأغراض وتمكن من الزاد والراحلة وجميع ما يعتبر في الاستطاعة من صحة البدن وتخلية السرب ولو كان في بلده كان فاقدا لبعضها وهو كما ترى والنقض المذكور غير وارد للفرق بنظر العرف بين من تكلف ومشى إلى مكان يقرب من مكة بقصد الحج ووصل إلى مكان يتمكن فيه وبين من وصل إلى ذلك المكان لا بهذا القصد بتكلف أو غير تكلف وصار متمكنا حينئذ ففي الأول يقال: إنه غير مستطيع وحج متسكعا فلا يجزي عن حجة - الاسلام وفي الثاني يقال: هو مستطيع وحج عن استطاعة والصحيح المذكور دال على هذا دون الأول وإن لم نجد فرقا بينهما بحسب الدقة العقلية.
{فإن دخل في الثالثة مقيما، ثم حج انتقل فرضه إلى القران والافراد}.