فمع التعارض في الصورة الثانية يجئ التخيير، ولا يبعد حمل بعض الأخبار الذي يستفاد منه الاكتفاء بستة أشهر على صورة قصد التوطن والإقامة دائما كصحيح حفص عن أبي عبد الله عليه السلام (في المجاور بمكة يخرج إلى أهله، ثم يرجع إلى مكة بأي شئ يدخل؟ فقال: إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع، وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع) (1).
{ولو كان له منزلان ووطنان منزل بمكة ومنزل في غيرها من البلاد لزمه فرض أغلبهما عليه}.
لا خلاف فيه، ويدل عليه صحيح زرارة المذكور سابقا وقد يقال: إنه في صورة الإقامة في مكة بالمقدار التي حكم فيه بأنه من أهل مكة محكوم بحكم أهل مكة وإن كان الغالب إقامته في غير مكة واستشكل صاحب الحدائق (قدس سره) بأن ههنا عمومين قد تعارضا أحدهما ما دل على أن ذا المنزلين متى غلب عليه الإقامة في أحدهما وجب عليه الأخذ بفرضه أعم من أن يكون أقام بمكة سنتين أو لم يقم، وثانيهما ما دل على أن المقيم بمكة سنتين ينتقل فرضه إلى أهل مكة أعم من أن يكون منزل ثان أم لا زادت إقامته فيه أم لا، وتخصيص أحد العمومين بالآخر يحتاج إلى دليل واستشكل عليه بأن المستفاد من الأدلة السابقة كون مجاورة المدة المزبورة جهة مستقلة لانتقال الفرض وليست هي من أفراد أحد العمومين فعدم إجراء حكم المنزل عليه من حيث غلبة نزوله في الآخر لا يقتضي انتفاء جريان حكم أهل مكة من حيث المجاورة المذكورة إلا أن يدعى اختصاص حكمها بذي المنزل الواحد وهو مناف لاطلاق النص والفتوى.
قلت: فيه نظر لأن كون المجاورة في المدة المزبورة جهة مستقلة لا يوجب الترجيح فإن ههنا جهتين المجاورة في المدة المزبورة وهي مقتضية لكون المجاور محكوما بحكم أهل مكة وغلبة الإقامة في البلد الآخر وهي مقتضية لكونه محكوما بحكم آخر ولا ترجيح في البين ولا يبعد أن يقال: بعد كون العمومين في كلام واحد