وعن العياشي في تفسيره عن سعد عن أصحابه عنهم عليهم السلام (في رجل تسحر وهو يشك في الفجر قال: لا بأس كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وأرى أن يستظهر في رمضان ويتسحر قبل ذلك) (1).
ولقائل أن يقول: إن الشك المأخوذ في الأصول منصرف عن الشك القابل للزوال بأدنى فحص وإن كان للتأمل فيه مجال، وأما الأخبار المذكورة فهي قابلة للحمل على التحديد بعدم الشك في طلوع الفجر بأن يكون قاطعا ببقاء الليل لا بأن يقطع بطلوع الفجر. هذا مع قطع النظر عن الاشكال في السند، ويمكن أن يقال: لو سلم الانصراف في لفظ الشك فلا مانع من الأخذ بالحكم المغيى بالعلم فمثل (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) و (كل شئ لك حلال حتى تعرف أنه حرام) ما علق الحكم على الشك حتى يدع الانصراف بل الحكم مغيى بالعلم ولا شك أن الشاك القادر على رفع شكه ليس بعالم ولا عارف، يدل عليه الخبر المذكور في تفسير العياشي المذكور آنفا والآية الشريفة مع قطع النظر عن الخبر المذكور إلا أن يقال: ليس النظر إلى صورة الشك بل إلى حد جواز الأكل و الشرب واقعا والتبين حد لطلوع الفجر وليس النظر إلى معرفة طلوع الفجر، لكنه خلاف ما يستفاد من الخبر المذكور ومع جريان الأصل لا مجال للقول بوجوب الاحتياط لقاعدة المقدمية.
وأما وجوب القضاء فيدل عليه جملة من الأخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج عن بيته وقد طلع وتبين قال: يتم صومه ثم ليقضه فإن تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر) (2) ومنها موثقة سماعة قال: (سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال: إن كان قام فنظر فلم يرى الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى