لو تصورها لم يصدر منه الفعل وهذا لا يخرجه عن العمد والاختيار، ويقع الاشكال والخلاف فيما إذا تناول المفطر عمدا تحرزا عن الضرر المتوعد عليه فقيل بعدم الافساد، وقيل إنه مفسد، واستدل على القول الأول بالأصل وقوله صلى الله عليه وآله (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) والمراد رفع حكمها ومن جملته القضاء والكفارة، وأجيب بأن حديث الرفع وإن شمل الآثار الشرعية من دون اختصاص بخصوص المؤاخذة إلا أنه يختص بالآثار القابلة للرفع دون الآثار العقلية وموافقة المأتي به للمأمور به التي ينتزع منها وصف الصحة أو مخالفته له التي ينتزع منها وصف الفساد ليست قابلة للرفع، وقد سبق النظر في هذا الجواب وأنه بعد ما كان المنشأ شرعيا لا مجال للاشكال من هذه الجهة ألا ترى أن حديث (لا تعاد الصلاة إلا من خمس) يقتضي صحة الصلاة الفاقدة لبعض الأجزاء أو بعض الشرائط مع عدم موافقة المأتي به للمأمور به، هذا ولكن العمل بحديث الرفع في كثير من أمثال المقام غير معهود بل لعل العمل بها يستلزم فقها جديدا.
ويشهد للفساد والبطلان ما عن الكافي بسنده عن رفاعة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا فقال: يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان فكان إفطاري يوما و قضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله) (1) إلا أن يستشكل بضعف السند وعدم العمل به حيث أنه نسب إلى الأكثر القول بعدم الفساد وأنه كالنسيان وبالجملة فالمسألة محل إشكال.
وأما عدم الفساد بمص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وزق الطائر ونحوها مما لا يتعدى إلى الحلق فللأصل وقوله عليه السلام في صحيح ابن مسلم (لا يضر الصائم إذا اجتنب ثلاث خصال أو أربع - الخ) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (سئل عن المرأة يكون له الصبي وهي صائمة فتمضغ الخبز وتطعمه قال: لا بأس