الظاهر أن نظر المستدل إلى صدق الأكل وإلا كان مصادرة، ولا يخفى الاشكال فيه من جهتين:
إحداهما انصراف الأكل عن مثله وقد سبق الكلام فيه وأنه لولا الاجماع المدعى لما أمكن الاستدلال بما دل على مبطلية الأكل والشرب لمثل المقام وكيف يتم الاجماع مع الخلاف في المسألة.
الثانية منع صدق الأكل والشرب بمجرد الوصول المأكول والمشروب إلى الحلق بدون البلع ألا ترى عدم صدق الشرب على إيصال المايع الذي يوصل إلى الحلق لمعالجة الحلق، هذا مضافا إلى الموثقة المصرحة بعدم البأس وحملها على دخول الغبار الرقيق في الحلق كما ترى، وبالجملة المسألة محل إشكال من جهة ما ذكر والشهرة بين الأعلام، وأما التقييد بالتعمد فإن كان من جهة الاحتراز عن صورة وصول الغبار بدون مقدمة اختيارية فله وجه لكنه لا اختصاص بهذا المفطر وإن كان من جهة الاحتراز، أما لو لم يقصد الايصال لكنه وقع معرضا لوصول الغبار إلى حلقه اختيارا فلا يخرج عن الاختيار كما ذكر في مفطرية الاستمناء.
وأما وجوب الامساك عن البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر فهو المشهور شهرة عظيمة بل ادعي الاجماع عليه وتدل عليه أخبار منها صحيحة ابن أبي يعفور قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال: يتم صومه ويقضي يوما آخر، وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له) (1) ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتم صومه ويقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي صومه) (2).