أن يكون التروك المعتبرة فيه صادرة عن عزمه كما يعتبر ذلك في الأفعال الاختيارية الوجودية لأن للتروك أسبابا لا تتناهى فربما يجتمع مع العزم على الترك عدم المقتضي للفعل فيكون الترك حينئذ مستندا في العرف إلى عدم المقتضى لا العزم على الترك فالمعتبر الترك مع النية لا الناشي عن النية بخلاف العبادات التي تعلق التكليف فيها بالفعل، ولا يخفى أن العبادات الوجودية أيضا قد يكون بعض أجزائها وشرائطها خارجة عن الاختيار فلو كان المصلي قائما بغير اختيار بحيث لا يقدر على غير القيام كان قيامه الذي جزء صلاته خارجا عن قدرته فالقيام ليس بنا شئ عن النية كما أنه قد يكون ركوعه وسجوده أيضا بغير اختياره كما لو كانا بفعل الغير قهرا ولا يخفى أنه على هذا التقدير كما لا تكون الأفعال ناشئة عن النية لا تكون مع النية أيضا، لأن النية عبارة عن الإرادة التفصيلية أو الاجمالية المعبر عنها بالداعي قربة إلى الله تعالى فمع عدم الاختيار كيف تتحقق حتى يقال: تحقق الفعل مع النية، فالطائف بالبيت بغير اختيار منه بل بفعل الغير قهرا أو الراكع والساجد بفعل الغير قهرا هل خرج عن عهده التكليف بمجرد العزم التقديري بمعنى أنه لو لم يكن مقهورا لكان عازما على المكلف به قربة إلى الله تعالى ولازم ما ذكر أنه لو لم يكن المكلف قادرا على شئ من المفطرات كان إمساكه الناشي عن عدم التمكن كافيا في صحة صومه لو كان له عزم تقديري بمعنى أنه لو كان متمكنا لكان تاركا لها قربة إلى الله تعالى والالتزام به مشكل والظاهر عدم الفرق بين العبادات و على هذا فصحة الصوم مع الغفلة على خلاف القاعدة ومجرد كون الترك مع الغفلة ناشيا عن العزم السابق لا يصحح ولذا لا يكتفي في مثل الصلاة بالعزم السابق الموجب لتحقق الفعل مع الغفلة حال الفعل بحيث لو سأل لم يلتفت إلى كونه مصليا.
ثم إن الظاهر أنه يعتبر تعيين المأمور به بحيث يتميز عن غيره مما يشاركه في الجنس ولا فرق في ذلك بين وحدة الطلب وتعدده، ألا ترى أنه لو أمر المولى، بضرب اليتيم تأديبا ليس للعبد ضربه لا بعنوان التأديب مع أن الطلب واحد، نعم يمكن أن يصير الطلب طريقا إلى تعيين المأمور به فيقصد المأمور ما هو مطلوب