امر موكول تحقيقه إلى العالم الإلهي.
واما تحقيق مهيتها تصورا والاطلاع على أحوالها وضعا وتسليما فامر لا محيص عنه لباحث الأمور الطبيعية المتغيرة فليعلم أولا ان الفاعل في الأمور الطبيعية هو مبدء حركه في آخر من حيث هو آخر.
والمراد بالحركة هيهنا كل خروج من القوة إلى الفعل في أي مادة كان والنفس إذا عالجت نفسها فالمعالج يحرك العليل بما هو طبيب لا بما هو عليل والمستعلج يقبل العلاج بما هو عليل لا بما هو طبيب وهذا أيضا انما يتم على مذهبنا في النفس في كونها ذا مقامات مختلفه لان موضوع القبول والفعل مما لا يكفي فيه التغاير بالاعتبار إذ ليس هذا التغاير كتغاير العاقل والمعقول مثلا.
اعلم أن الفاعل بهذا المعنى اما مهيئ للحركة أو متمم لها فالمهيئ هو الذي يصلح المادة بالاحالات والانضاجات المعدة لقبول الصورة والمتمم هو الذي يفيد الصورة وهي تمام حركه.
والحق ان الأول مباشر للمادة ملاصق والثاني مفارق ولا شبهه في أن مفيد الصور المقومة للأنواع الطبيعية سيما التي للأنواع الشريفة كالفلك والانسان مثلا يجب ان يكون مبدء خارجا عن عالم الطبيعة وليس على الطبيعي ان يعلم ذلك أنه ما هو وانه واحد أو كثير بعد أن يضع ان هيهنا أمرا يعطى الصور وكل من المهيئ والمعطى مبدء للحركة ومخرج للمادة من القوة إلى الفعل وكل منهما عند التحقيق صوره أيضا لكن غير الصورة التي يترتب وجودها على وجود حركه والقوة.
اما المهيئ فصوره جزئيه أخس وجودا من التي إليها حركه واما المعطى فصوره كليه أشرف من الصورة المعطاة وكلاهما بعد المثير أي المشوق فان من جمله مبادئ حركه هو الذي يقال له المثير أو المشوق فهو المبدء البعيد للحركة بتوسط امر آخر وذلك لأنه سبب للصورة النفسانية التي هي مبدء حركه إرادية فهو مبدء المبدء.