فان الاتحاد مشترك بين الهيولى والصورة عنده.
ثم لو كانت الصورة تمام مهيته وهو بعينها الفصل عنده كانت الهيولى التي هي الجنس عنده خارجا عن المهية وهذا مما لا يقول به عاقل ولو كانت الصورة مهية الشئ لجاز وقوعه في جواب السؤال عنه بما هو وحينئذ يكون مأخوذا مطلقا ليصدق عليه فكان فصلا فيقع الفصل في جواب ما هو هذا خلف انتهى.
أقول إن الظاهر أن الباء في الموضعين استعملت بمعنى واحد هو معنى السببية لكن يراد بها نفى سببية الغير فإذا قيل مهية الشئ هي التي بها هو هو أي ليست هويته بسبب شئ آخر وكذا إذا قيل صوره جسم هي التي بها ذلك الجسم معناه ان الصورة إذا حصلت لا يحتاج ذلك الجسم في حقيقته إلى شئ غيرها ثم عدم تسليمه تعريف صوره الشئ بمهيته مما لا وجه له ولا مستند فيه.
وقوله كما لا يجوز تعريف الفصل بمهية الشئ فيه مغالطة ناشية من الخلط بين مفهوم الفصل وطبيعته ومفهوم المهية ومصداقها أو من الخلط بين مطلق التعريف وبين التحديد والا فلا حجر لاحد في تعريف فصل الشئ بمهيته بان يعرف الناطق مثلا بالانسان فان مفهوم الانسان صادق على الناطق مساو له في الصدق وربما كان أشهر واعرف من الناطق عند قوم.
نعم لا يمكن تحديد الفصل بالمهية بل لا حد للفصل سيما على ما ذهبنا إليه من كون الصورة التي يحاذي بها الفصل هي بعينها وجود من الوجودات والمهية خارجه عن الوجود حدا ومفهوما متحدة معه وجودا ومن ذهب إلى أن صوره هذا الشئ هي تمام مهيته وعرفها بما ذكر لم يفعل ذلك لمجرد الاتحاد بينهما في الوجود حتى لزم ان يكون المادة أيضا كذلك وجاز تعريفها بما ذكر.
واما قوله لو كانت الصورة تمام مهية الشئ لجاز وقوعها في جواب ما هو إلى آخره ممنوع فان الانسان مثلا تمام مهية الحيوان وغير واقع في جواب السؤال عنه بل ما ذكره مغالطة نشأت من الاشتباه بين المهية والوجود.