الا انا نقول مع قطع النظر عن هذا هل هي وجودها عند التجرد وجود قابل بالفعل فيلزم ان يكون عند التجرد متصورة بالجسمية بالفعل وهو ممتنع وان لم يكن وجودها وجود قابل بالفعل فيكون متقوما بذاته من غير تقدر وتكمم فلا يكون ذا جزء بالذات ولا بالعرض ولا بالقوة ولا بالفعل.
ثم إذا عرض له المقدار صار ذا اجزاء بالقوة عند الوحدة الاتصالية وذا اجزاء بالفعل عند الكثرة فيكون عروض امر لأمر مما يغير حقيقته عما كانت عليه ويبطل ذاتها ونحو وجودها المختص بها فكيف يكون للشئ تقوم بأنه لا جزء له أصلا لا بالقوة ولا بالفعل ثم عرض له ان يصير ذا اجزاء بالقوة في وقت وبالفعل وقتا آخر والتبدل في حد الشئ وقوامه ممتنع ولا كذلك الحد بالنسبة إلى المحدود فليس لأحد ان يتوهم ان الحد لما كان عين المحدود ومع ذلك وجد المحدود في الخارج أو في الذهن مجردا عن الاجزاء كالجنس والفصل ثم يوجد في الذهن عند ملاحظة العقل معناه الحدي فيكون قوامه بالاجزاء بعد ما كان قبل هذه الملاحظة بسيطا.
لأنا نقول التفاوت بين الحالين انما هو بحسب الأوصاف والاعتبارات لا بحسب وجود معاني الاجزاء وعدمها فان ذوات تلك الأجزاء لا تتبدل في الحد والمحدود بل يتعدد عند التفصيل ما كان واحدا عند الاجمال وبالعكس إذ الاجمال والتفصيل نحوان ادراكيان من غير تفاوت وفي مهية المدرك ففي المحدود يكون وجودات الاجزاء بما هي وجودات بالقوة وفي الحد يكون بالفعل وكذا حكم المقدار عند الاتصال وعند الانفصال.
واما الجوهر المفارق فلا يمكن ان يكون فيه اجزاء مقدارية لا بالفعل ولا بالقوة فلو فرض ان الجوهر المفارق صار ذا بعد ومقدار يلزم المحال المذكور وهو التبدل في نفس قوام الشئ وحقيقته وزيادة التفصيل والتوضيح في هذا المطلب يطلب من كتاب الشفاء.