فصل في بيان العمرى والرقبى والسكنى والحبيس هذه أنواع من الهبات تحتاج في صحتها إلى ما تحتاج إليه الهبة.
والعمري: أن يجعل إنسان منفعة دار، أو ضيعة لغيره مدة حياة أحدهما.
والرقبي: أن يجعل رقبته لغيره مدة معلومة.
والسكنى: أن يجعل مسكنا لغيره مدة عمر أحدهما.
والحبيس: حبس الفرس في سبيل الله، والبعير في معونة الحاج والزوار، والعبد في خدمة البيت الحرام، أو خدمة تربة الرسول عليه أفضل الصلاة السلام، فإن جعل المنافع له مدة عمره ومات المعمر لم يبطل، وإن مات من جعل له بطل، وإنما يبطل بموت من علق بموته، فإذا علق بموته رجع إلى المعمر إن كان حيا، وإلى ورثته إن كان ميتا.
والرقبي كذلك بعد انقضاء المدة المضروبة.
والسكنى إن أوجبها، وعلق بموت أحدهما كان حكمها حكم العمري، وإن لم يوجبها كان متى شاء إرجاعها.
والحبيس إذا عجز عن العمل أو الخدمة سقط عنه، فإن عاد إلى الاستطاعة عاد العمل، فإن أطلق الحبيس لزمه العمل ما بقي حيا، وإن عين مدة يعمل أو يخدم فيها، وفعل تلك المدة عاد إلى صاحبه إن كان حيا، وإلى ورثته إن مات، وعلى هذا الحديث المشهور قضى علي عليه السلام برد الحبيس وإنفاذ المواريث، وجميع هذه الأنواع لا تصح، إلا لوجه الله تعالى.