خير الوجود وثورية الحياة لشد ما رأيناه يجعل ثورية الحياة كلا من خير الوجود، وخير الوجود كلا من ثورية الحياة!
وقالت الثورة: أنا الهادمة البانية!
وليس من حق الوجود العادل إلا أن يكون خيرا كريما. وليس من طبيعته إلا العطاء وهو لا يأخذ ما يعطيه إلا ليعود إلى بذله طيبا جديدا. وخير الوجود كيان من كيانه وجوهره. وعهد علي به هو هذا العهد. وإحساسه بخيره هو إحساسه بعدله لا يقل ولا يزيد. وعلى ذلك تحدث عن هذا الخير فأكثر الحديث وقد روينا من أقواله من خير الوجود شيئا غير قليل. ولعل ما رويناه من تلك الروائع الصادقة نستطيع تلخيصه الآن بكلمة قالها وكأنه يوجز بها مذهبه المؤمن بخير الوجود: (وليس الله بما سئل بأجود منه بما لم يسأل). فإذا عرفنا أن لفظة (الله) تعني في أقصى ما تعينه عند القدماء من أصحاب الأصالة الذهنية والروحية: مركز الوجود والروابط الكونية، عرفنا أي خير شامل عميم هو خير الوجود الذي يمنحك ما تسأل ضمن شروط، ثم يعطيك فوق ما تسأل، ثم يزيد!
ولما كان الإنسان الذي يحسب أنه جرم صغير، ممثلا لهذا العالم الأكبر على ما يقول ابن أبي طالب، فلا بد أن يكون هو أيضا صورة عن الوجود بخيره كما هو صورة عنه بعدله. فإذا أعطاك الوجود فوق ما تسأله من خيره، يكون قد بدأك لحاجة في طبيعته إلى أن يكون خيرا. وإذا كنت صورة عنه، فأنت أحوج إلى اصطناع الخير من أهل الحاجة