الوحدة الوجودية وكان ما تباعد منها مضموما في وخدة طرفاها الأزل والأبد!
الأدب أصالة في الفكر والحس والخيال والذوق، تربط بين صاحبها وجملة الكائنات في وحدة وجودية مطلقة. ثم تعبر عن نفسها بحياة تحيا على أصول من هذه الوحدة، وبأسلوب جمالي هو تجسيم حي للتفاعل بين الأديب والكون.
ولما كان العلم تجزئة كان الفن توحيدا. ولما كان العلم ينظر إلى الأشياء من حيث هي كائنات مجزأة في ظاهرها، موحدة في أصولها وحقيقتها، مما يؤول إلى فكرة الشمول الكوني والارتباط الكامل بين مختلف مظاهر الوجود!
وما كان الأدب إلا بهذا الشمول.
وإذا كان الفلاسفة قد فطنوا إلى وحدة الوجود في العصور المتأخرة، فإن الأديب قد فطن لها منذ كان الإنسان وكانت في أعماقه بذور الفن وأحاسيس الأدب. ذلك لأن دليل الفيلسوف عقله وقياسه، وكلاها محدود بالنسبة للمركب الإنساني الحي. ودليل الأديب شعوره وإلهامه، وهما انبثاق عاجل وامض عن جملة كيانه.
ثم إن نظرة الفيلسوف إلى الكون كوحدة متفاعلة متكاملة، إن هي إلا نظرة تظل سطحية إذا ما قيست بنظرة الأديب. فالفيلسوف يشاهد ويراقب ويقيس ثم يسجل. وأداته في ذلك العقل وحده، والعقل شئ من الإنسان الحي بل قل هو جانب منه. والأديب