قول القائل وعتب العاتب. وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا!
الحق لا يبطله شئ من خطبة رائعة له خطب بها الناس ثاني يوم من بيعته بالمدينة، وهي في ما رده على الناس من قطائع (1) الخليفة الثالث، وفي المال الذي كان عثمان قد أعطاه من مال العامة:
أيها الناس، إنما أنا رجل منكم، لي ما لكم وعلي ما عليكم. ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال فإن الحق القديم لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وملك الإماء وفرق في البلدان لرددته. فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق (2) أيها الناس، ألا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فامتلكوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا الخيل واتخذوا الوصائف المرققة، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا! ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله يرى أن الفضل له على سواه بصحبته، فإن الفضل غدا عند الله.
فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية ولا فضل فيه لأحد على أحد!